حذر رئيس الوزراء التركي رجب طيب أردوغان أمس من تجاهل الأزمة السورية، معتبرا أنه «إذا اندلع الحريق في سوريا، سيعم على المنطقة». وطرحت طبيعة هذا الحريق، وتداعيات التطورات في سوريا بشكل خاص والأوضاع السياسية في المنطقة بشكل عام، خلال جلسات «المنتدى الاقتصادي العالمي» للشرق الأوسط وأوروبا وآسيا الوسطى في اسطنبول أمس. وبينما اعتبر رئيس الوزراء الأردني فايز الطراونة الأزمة في سوريا تجسيدا لـ«حرب باردة بين الولايات المتحدة وروسيا في سوريا»، شدد وزير الخارجية التركي أحمد داود أوغلو على الفشل الدولي في اتخاذ موقف موحد من الأزمة السورية، في انتقاد غير مباشر لموسكو وبكين.
ورأى الطراونة أنه «سؤال صعب جدا الإجابة عليه» حول إذا ما كان هناك مستقبل لسوريا يمكن للرئيس السوري بشار الأسد أن يبقى فيه بالسلطة. واعتبر الطراونة أن هناك «حربا باردة جديدة بين روسيا والولايات المتحدة في سوريا». وأضاف أن «القضية السورية أصبحت شأنا دوليا بموجب خطة مبعوث الأمم المتحدة والجامعة العربية كوفي أنان ولكن المجتمع الدولي لم يقدم حلا دوليا»، محملا مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة المسؤولية الرئيسية عن ذلك. وتابع: «يجب فرض حل من المجتمع الدولي وعلى مجلس الأمن أن يستيقظ ويتخذ موقفا». ورفض الطراونة توضيح موقف بلاده من فكرة تسليح المعارضة، مكتفيا بالقول «نحن نهتم بالوضع الإنساني» للسوريين، قائلا إن هناك 120 ألف لاجئ سوري في الأردن الآن.
من جهته، اعتبر وزير الخارجية التركي أحمد داود أوغلو أن الفرصة قد فاتت الأسد لإصلاح الأوضاع في بلاده أو البقاء في السلطة، إذ قال داوود أوغلو «كان للأسد فرصة قبل عام». وأضاف: «زرت دمشق 62 مرة في تسعة أشهر، كان أملنا أن نحدث إصلاحات وجعل النظام أكثر شمولا»، موضحا: «كان لدى الأسد شعبية بسبب موقفه من إسرائيل.. ولكنه ضيع ذلك وكان خطؤه استخدام الجيش ضد الشعب.. نزع ذلك الشرعية منه ومن نظامه». وتابع: «عملنا معه لعشرة أشهر لتطبيق الإصلاحات، التقيت الأسد لمدة ست ساعات ونصف في 9 أغسطس (آب) الماضي.. في عقله تخيل بأن بإمكانه السيطرة على الوضع، مما جعله فاشلا في فرض أي تغيير».
وكان لدى داود أوغلو موقف واضح في انتقاد مجلس الأمن وبشكل غير مباشر روسيا لعدم اتخاذ موقف للضغط على الأسد. واعتبر أن النظام السوري «يدرك ضعف المجتمع الدولي.. واستخدموا الفجوة لاستغلال الوقت.. يجب أن يكون هناك إجماع بين المجتمع الدولي وفرض ضغوط حقيقية على النظام والسماح للتظاهر السلمي فمن الإمكان تغيير الوضع بهذا الشكل السلمي». وتابع: «الدول الأكثر تأثرا من الوضع السوري تريد موقفا، و139 دولة في الجمعية العامة تؤيد الموقف ولكن بسبب الوضع الداخلي في مجلس الأمن يمنع ذلك». وامتنع عن تأكيد استعداد تركيا للتدخل مباشرة في سوريا، مكتفيا بالقول: «إذا كان هناك خطر أمني علينا، لدينا الحق الكامل للرد»، مذكرا الحضور في الجلسة التي شارك بها مع رئيس الوزراء الأردني عصر أمس أن «الأسد السبب الرئيسي لعدم الاستقرار في سوريا الآن».
وبينما رأى الطراونة أن «مصالح الدول الكبرى تلعب دورا الآن، مثلما حدث مرات كثيرة مع إسرائيل»، اعتبر في الوقت نفسه أنه لا يمكن لأحد أن يقتنع أن هناك معارضة سورية موحدة.. «إذا حسنوا وضعهم سيزيد ذلك من الدعم الدولي»، ولكن أوغلو رد عليه قائلا: «هذه حجة تستخدم لعدم التحرك الدولي.. يجب ألا نلومهم لعدم التحرك الدولي».
وفي جلسة رئيسية لافتتاح الأعمال الرسمية للمنتدى أمس، شارك رئيس الوزراء التركي رجب طيب أردوغان بكلمة قال فيها: «لن نهدف إلى التدخل في الشأن السوري ولكن قلت سابقا إنه إذا اندلع الحريق في سوريا سيعم المنطقة كلها». وأضاف: «ولذلك نريد أن نلفت انتباه العالم إلى ما يحدث في سوريا.. لدينا 24 ألف لاجئ والعشرات من الآلاف في الأردن ولبنان. الحريق والآلام سيعمان بالمنطقة إذا لم نتصرف..».
وتدور تساؤلات حول مرحلة ما بعد سقوط النظام السوري في اسطنبول كغيرها من المحافل الدولية. وقال الطراونة: «السؤال عمن يأتي بعد الأسد مهم سألت نفسي هذا السؤال عندما دخلت القوات الأميركية بغداد – والسؤال نفسه نسأله عن سوريا، هناك الكثير من السيناريوهات لا يمكن لأحد أن يجيب عن هذا السؤال». إلا أن داود أوغلو اعتبر أن «الخائفين من التغيير يسألون ماذا بعد، ولكن الوضع الحالي غير مستقر فيجب أن يتغير. علينا أن نجعل المعارضة يكون لديها رؤية موحدة»، مضيفا أن «الوضع الراهن سيزيد من عدم الاستقرار.. وعلينا ألا ننسى أنه إذا أجريت انتخابات حرة ونزيهة هذا الرد الوحيد على سؤال ماذا بعد (نظام الأسد)».