فشلت كل محاولات النظام السوري بإبقاء دمشق خارج خارطة الثورة السورية، فلا إغلاق طرقاتها نفع، ولا نشر الشبيحة ورجال الأمن بسلاحهم الكامل في شوارع العاصمة أتى بفائدة.
قطعت شوارع الميدان، كما جرت مواجهات عنيفة بين رجال الجيش الحر والجيش النظامي في حي القدم والعسالي، وخرجت مظاهرة في حي ركن الدين بساحة شمدين قريبا من الأمن السياسي.
طرقات الميدان تم قطعها أمس، وتم نشر قصاصات الأوراق في كل تلك الشوارع، ليتركوا مهمة لم تلك الوريقات التي تحتوي على شعارات الثورة “سورية حرة، الشعب يريد إسقاط النظام..” لرجال الأمن.
وغطت أعلام الثورة وأصوات الهتاف “حرية للأبد غصب عنك يا أسد” على سماء الميدان، ليتدخل الأمن والشبيحة كالعادة بإطلاق الرصاص ومهاجمة البيوت ومداهمتها دون أن يكون لذلك أي دور في تراجع الناس عن التظاهر، فانتقلت المظاهرة من حي القاعة لحي الزاهرة ومن ثم إلى قرب جامع الدقاق وإلى سوق أبو حبل.
يجري التنسيق دائماً بين الأحياء، يتم الاتفاق على موعد لتشتيت انتباه الأمن والشبيحة، ولا تنطلق المظاهرات في وقت واحد، وإنما يفصل بينها بعض الوقت، فإذا ما تمت مهاجمة واحدة بدأت الأخرى ليضطر رجال النظام إلى اختصار عملية القمع والانتقال إلى مكان آخر.
قرب الأمن الجنائي
منطقة باب مصلى في قلب دمشق معروفة لكل سكان المدينة بأنها تضم فرع الأمن الجنائي، وتمتلئ غالبا وفي جميع الأوقات برجال الشرطة والأمن.
ويبدو أن هيبة النظام باتت من المنسيات لدى ذلك الشباب، فتظاهروا أمام الأمن الجنائي رغم معرفتهم بوجود الأسلحة داخله، وحملوا علم الثورة وتعالى هتاف “الشعب يريد إعدام الرئيس”.
عسكرة في كفر سوسة
سمعت أصوات انفجارات من بساتين داريا وكفر سوسة اليوم صباحاً، وانطلقت حملة مداهمات في حي الليوان هناك.
تحولت شوارع كفر سوسة إلى ما يشبه الثكنة العسكرية، وإن كان ذلك لم يمنع أصوات التكبير شبه اليومية، وتبدو تلك الأصوات كالوسواس الذي يكاد يصيب رجال النظام بالجنون، ويطغى شعور بأنهم استنفدوا وسائل القمع والقتل والاعتقال والتنكيل دون أن يستطيعوا أن يحجزوا أصوات المكبرين والهاتفين في قلب دمشق.
وتأتي كفر سوسة في صدارة الأحياء التي تبث خوفاً شديداً لدى المؤيدين، لتوسط الحي دمشق، ولكونه مليء بالمراكز الأمنية وصلة وصل بين أكثر الأماكن حيوية في العاصمة.
وإن كان سكان كفر سوسة اعتادوا قطع الطرقات والتظاهر والتكبير، فإن النظام لم يترك وسيلة قمعية لم يستخدمها معهم من إطلاق للرصاص، مروراً بالاعتقال وانتهاء بإغلاق الطرقات المؤدية لكفر سوسة.
لا خوف في دمشق
تتظاهر دمشق يومياً، وحملت علم الثورة السورية بطريقة واضحة الاختلاف عما قبل شهر من الآن، ويتساءل كثيرون من أين حصل أولئك الشباب على كل تلك الجرأة في قدس أقداس النظام السوري العاصمة دمشق.
وإن كان السوريون يطلقون على بابا عمرو اسم “حرم الثورة” فإن المؤيدين يسمون دمشق “عاصمتهم”.
ولكن يبدو أن تلك التسمية سقطت سقوطاً مدوياً مع غياب مسيرات المؤيدين الكاملة عن الشوارع وسيطرة مظاهرات الثوار عليها.
وبدأت دمشق تأخذ دور التظاهر بدلا عن باقي المدن التي لا يتوقف قصفها ليلاً ولا نهاراً، إذ طالما تظاهرت حمص وهتفت لإسقاط الأسد، وكذلك حماة ودير الزور وإدلب، ولكنها الآن مشغولة بدفن موتاها وإحصاء أعدادهم التي تزيد بطريقة جنونية.