رؤية مختلفة للأحداث !

حظوظ التدخّل تزداد؟

0

hazim saghiyah 532بقلم: حازم صاغية
منذ شهر، أو نحو ذلك، تتجمّع أحداث ووقائع تقول إنّ التدخّل الخارجيّ في الأزمة السوريّة يكتسب مزيداً من اللحم والشحم. سوف ينبري بعض من يقولون: وهل هذا حبّاً بسوريّة؟. والجواب طبعاً لا، إذ الأمر لا صلة له بالحبّ والكراهية أصلاً. لكنْ بالضبط لأنّ الأمور لم تعد سوريّةً حصراً، تغدو قابليّات التدخّل أرفع من ذي قبل. ولا بأس، هنا، بالتذكير بالقابليّات السوريّة الضخمة التي تجعل ما هو سوريٌّ غيرَ سوريّ في وقت واحد: فإذا كانت ليبيا ليبيا وكفى، وتونس تونسَ فحسب، فإنّ سوريّة هي المشرق، وهي حيث يتشكّل أو يتفجّر العالم ما بعد العثمانيّ.

والنظام السوريّ البارع تقليديّاً في استخدام «الأوراق» زاد هذه القابليّات، لكنّه زادها، هذه المرّة، لغير مصلحته.

أول وأهمّ الوقائع الجديدة أمر الترسانة الكيماويّة التي ظنّ النظام أنّه يتذاكى بالكشف عنها، غير مدرك أنّه ينقل النقاش إلى سطح مختلف نوعيّاً، وإلى استعدادات مغايرة أيضاً. أمّا ثانية تلك الوقائع فمسألة «حزب العمّال الكردستانيّ» بنشاطه ونفوذه. وهنا أيضاً ظنّ النظام أنّه يتذاكى باستخدام هذه «الورقة» فإذا بأنقرة تتّهم دمشق بالتورّط في تفجيرات غازي عنتاب. والواقعة الثالثة الجديدة تتعلّق بحركة النزوح: فإذا قفز عدد النازحين السوريّين إلى تركيا إلى مئة ألف، كفّت المشكلة عن أن تكون سوريّة لتغدو تركيّة كذلك.

بمعنى آخر، ترتفع حظوظ التدخّل مع تحوّل الأزمة السوريّة أزمة عابرة للحدود، وهي تتحوّل بتسارع ملحوظ. أمّا التحذيرات الفرنسيّة التي تكاثرت في الأيّام الأخيرة من انتقال الأزمة إلى لبنان و «إحراقه» فلا تصبّ إلاّ في هذه الوجهة.

لا يفوت التقديرَ هذا تطوّراتٌ متناثرة، كأنْ لا يستبعد وزير الدفاع الفرنسيّ لو دريان إقامة منطقة للحظر الجوّيّ، أو أن تنشئ الولايات المتّحدة وتركيا «آليّة تنسيق متكاملة حول سوريّة»، أو أن تدعو إيطاليا إلى اجتماع للحلفاء يُبحث فيه وضع «سوريّة ما بعد الأسد»، أو أن تعود إلى منطقة الخليج حاملة «ستينيس» الأميركيّة للطائرات، أو أن تغدو الحدود السوريّة – الأردنيّة مصدراً لأخبار أمنيّة غامضة التفاصيل!

وهذا كلّه لا يلغي الصعوبات الجدّيّة في طريق التدخّل، ابتداءً بالحساب الروسيّ – الإيرانيّ، مروراً بالمخاوف الغربيّة من «القاعدة»، أو حال الانتخابات الأميركيّة والاقتصادات الغربيّة، أو عقدة العراق وعقدة أفغانستان، وانتهاء بصورة المعارضة السوريّة وقدرة «الجيش السوريّ الحرّ» على استقبال تدخّل خارجيّ. لكنّ أهمّ من هذا كلّه أنّ النظام السوريّ يدفع، باستخدامه لما يظنّه «أوراقه»، نحو مواجهة سوف يغدو من الصعب تجنّبها أو تجاهلها. فإذا أضفنا استخدامه الوحشيّ للعنف، وأنّ عدد القتلى السوريّين بات يقارب الـ25 ألفاً، ناهيك عن الجرحى والمشوّهين والمساجين وعن 3 ملايين نازح ولاجئ، غدا التجنّب والتجاهل أكثر إحراجاً.

لقد آثر حكّام دمشق أن يدفعوا لعبتهم إلى حدّها الأقصى، أكان ذلك سياسيّاً وديبلوماسيّاً (الإقحام الروسيّ – الإيرانيّ) أم عسكريّاً من خلال استعراض فائض القوّة برّاً وجوّاً. وكم يرمز إلى هذا التوجّه الذي يلتقي فيه الحدّان الأقصيان السياسيّ والعسكريّ قيامُ طائرة سوريّة بقصف شعبها من داخل حدود العراق! هذا ما لا يحتمله العالم.

اترك تعليق

يرجي التسجيل لترك تعليقك

شكرا للتعليق