رؤية مختلفة للأحداث !

أولويات ترامب.. وأولويات حكامنا!

0

ما أولويات الحكام للنهوض باقتصاد بلادهم وتخفيف العبء عن المواطن الفقير ومحدود الدخل الذي يكابد ارتفاعات الأسعار؟ القرارات الاقتصادية تنصب على زيادات متواصلة في الأسعار والضرائب والجمارك والرسوم الحكومية وخفض الدعم.

بقلم: مصطفى عبد السلام

الرئيس الأميركي دونالد ترامب مشغول هذه الأيام بقضيتين تهمان المواطن والاقتصاد:

الأولى هي خفض أسعار الوقود والمنتجات البترولية من بنزين وسولار وغاز وغيرها بهدف تخفيف الأعباء المالية الملقاة على كاهل المواطن، أي الناخب.

أما القضية الثانية فهي خفض أسعار الفائدة وكلفة الإقراض المصرفي لإنعاش الاستثمار وخفض كلفة الأموال داخل الأسواق، وبالتالي تشجيع رجال الأعمال وكبار المستثمرين على الاقتراض من البنوك لإقامة مشروعات جديدة أو التوسع في المشروعات القائمة.

والنتيجة هنا، في حال الخفض الذي يسعى ترامب لتحقيقه، هي خلق مزيد من فرص العمل والحد من البطالة بين المواطنين وزيادة الإنتاج المحلي ومعه الاستهلاك، وتحسين إيرادات البلاد من النقد الأجنبي خاصة من قطاعات مثل الصناعة والتصدير والاستثمارات الخارجية.

وحتى يحقق ترامب الهدف الأول المتعلق بخفض فاتورة المشتقات البترولية داخل السوق الأميركي ضغط على السعودية لزيادة إنتاجها النفطي بمقدار مليوني برميل يومياً حتى لا ترتفع أسعار النفط عالميا في حال تطبيق العقوبات الأميركية التي سيتم فرضها على إيران وصادراتها النفطية.

كما اتخذ ترامب خطوات أخرى لضمان عدم ارتفاع أسعار النفط، منها الضغط على دول نفطية أخرى، منها الإمارات، لزيادة إنتاجها النفطي، وبالتالي زيادة المعروض النفطي، والهجوم المستمر على منظمة “أوبك” التي تعد دول الخليج أبرز الأعضاء بها، والضغط على اللواء المتقاعد خليفة حفتر لعدم عرقلة صادرات النفط الليبية من موانئ الهلال النفطي بعد السيطرة عليها بالقوة المسلحة من قبل قواته.

أما بالنسبة للهدف الثاني المتعلق بخفض أسعار الفائدة على الدولار، فإن ترامب يسعى لتحقيقه عبر الضغط المتواصل على مجلس الاحتياط الفيدرالي (البنك المركزي) لعدم رفع أسعار الفائدة على الدولار واستمرار سياسة الأموال الرخيصة.

ولذا هاجم ترامب قرار البنك الأخير القاضي برفع الفائدة بنسبة ربع في المائة وتلميح البنك بالاستمرار في سياسة الرفع خاصة مع تراجع معدل التضخم وتعافي القطاع المالي والمصرفي من تداعيات الأزمة المالية العالمية التي أندلعت في العام 2008.

لكن المشكلة التي تواجه الرئيس الأميركي هنا تكمن في الاستقلالية الواسعة التي يتمتع بها البنك المركزي الأميركي والتي تضمن له ضرب الحائط بقرارات وتوجيهات وضغوط وإملاءات ترامب وعدم الخضوع لتلميحات إدارته.

فالبنك المركزي مستقل تماما في إدارة السياسة النقدية وتحديد اتجاهات أسعار الفائدة والصرف، ولا يأخذ أهواء الحاكم ورغباته عند اتخاذ قراراته، بل يأخذ فقط بأمور اقتصادية بحتة، منها معدلات النمو والتضخم والبطالة السائدة في الدولة.

هذه أولويات ترامب تجاه اقتصاده ومواطنيه، حيث يسعى لكسب ثقتهم، وبالتالي إعادة انتخاب حزبه في الإنتخابات المقبلة المقررة في شهر نوفمبر المقبل، فماذا عن أولويات الحكام العرب للنهوض باقتصاد بلدانهم التي يحكمونها وتخفيف العبء عن المواطن الفقير ومحدود الدخل الذي بات يواجه طوفاناً من ارتفاعات الأسعار المتواصلة للوقود والكهرباء والمياه والسلع الأساسية والمواصلات العامة.

إذا نظرنا للقرارات الاقتصادية الأخيرة للحكام وكبار المسؤولين في المنطقة العربية نلحظ أن معظمها ينصب على إجراء زيادات متواصلة في الأسعار، وفرض مزيد من الضرائب والجمارك والرسوم على الخدمات الحكومية، وخفض الدعم المقدم للسلع الرئيسية، وزيادة فواتير المنافع والخدمات العامة وفي مقدمتها الكهرباء والمياه والغاز المنزلي.
* مصطفى عبد السلام كاتب ومحرر صحفي اقتصادي.

المصدر: العربي الجديدة
مفاتيح: دونالد ترامب، الحكام العرب، خفض الفائدة، أسعار الوقود، زيادة أسعار، كلفة الاقتراض والاستثمار، منظمة “أوبك”، دول الخليج، مجلس الاحتياط الفيدرالي، سياسة الأموال الرخيصة، معدل التضخم،

اترك تعليق

يرجي التسجيل لترك تعليقك

شكرا للتعليق