رؤية مختلفة للأحداث !

داوود عبدالسيد فيلسوف السينما الحديثة

0

داوود عبدالسيد أحد أهم الأسماء في تاريخ السينما المصرية الحديث، فهو الكاتب الفريد والمخرج الفيلسوف، ليست أعماله بالكم الضخم التي من الممكن أن نعثر عليها طوال الوقت حينما نتنقل بين المحطات التليفزيونية، ولكنها على قلتها محفوظة في وجدان عشاق السينما، فقد يخرج لنا “عبدالسيد” بفيلم جديد كل أربعة أعوام أو أكثر ولكن بين كل فيلم وفيلم تجربة فريدة لا يمر بها إلا فنان حقيقي مثله يشرح لنا ما لاقاه أثناء هذه التجربة المميزة.

داوود عبدالسيد

وإذا أبحرنا في أفلام داوود عبدالسيد القليلة ولنبدأ بآخر أفلامه والذي حمل عنوان “قدرات غير عادية” نجده اختار البحث عن التميز عن القوة الغير عادية في البشر وهي الحب  من خلال طفلة صغيرة لديها مواهب غير عادية وهي القدرة على استدعاء الأشياء وجذبها وقد ورثت هذه الطفلة قدرتها عن والدتها التي تعترف بذلك عندما تقع في غرام بطل الفيلم خالد أبو النجا وتستمر أحداث الفيلم الذي غزله ” عبدالسيد” وعذوبة وألوان رقيقة لنكتشف فلسفته من الفيلم وما أرداه من القدرة الغير عادية الحقيقة في الإنسان هي الحب فالحلب يجعلنا نفعل كل الأشياء التي كنا نظن أنه لن نستطيع فعلها.

ونفس الأمر قام به ” داوود عبدالسيد” من قبل في فيلمه الأسبق رسايل البحروالذي استطاع الحب فيه أن يشفي الطبيب المصاب بتلعثم في النطق مسبب له الكثير من المشاكل والإحراج فيعتزل الناس ويبتعد إلى بيته القديم وجيرانه القدماء ويعتزل الطب ويتجه للصيد وما إن يقع في الحب يعود للحياة مجدداً ويستطيع التحدث كما كان من قبل.

أفلام داوود عبدالسيد

وففي فيلمه المهم ككباقي أفلامه فيلم مواطن ومخبر وحرامي والذي قام بتأليف أيضاً كما قام بتأليف بقية أفلامه فالحب في هذا الفيلم مختلف حيث يجمع بين 3 أنماط مختلفة من البشر وهو المخبر الذي يفعل ما يؤمر به والحرامي الذي يسرق كي يعيش والفيلسوف المفكر الكاتب وعلاقة الصداقة الغريبة التي تنشأ بين الثلاثي وتدفعهم لحل مشكلاتهم سوياً والحب الذي يربط بين ثلاثة أبعد ما يكونون عن بعضهم البعض، وكأن “السيد” يريد أن يخبرنا من خلال هذا الفيلم أنه ليس شرطاً أن تحب شخصاً مثلك وحتى المختلفون عنك يمكنك أن تحبهم فهم في النهاية بشر والبشر متشابهون.

أما فيلمه الأغرب والأعمق أرض الخوف والذي يحاول فيه البطل طوال الفيلم أن يبحث عن نتائج أفعاله السيئة التي قام بها بدافع أنه مكلف من جهة ما تأمره بفعل ذلك وكأنه مسلط وصاحب حكم على هؤلاء فنصب نفسه رباً ليحاسب ويحكام، يحاول أن يتعمق “عبد السيد” ويجعلنا نتعمق معه في نفس هذا الرجل وفي أنفسنا كذلك في حوار ولغة رائعة وفلسفة حقيقة تجعلنا نفكر في حقيقة أفعالنا ونعيد تقييمها مجدداً.

وكذلك الأمر في فيلمه الأشهر الكيت كات والذي أصبح أيقونة من أيقونات السينما العربية وتلك جمله على ألسنة العامة من خلال بطله الأعمي الشيخ حسني والذي يرفض أن يعترف بهذا الأعمي الذي أصابه ويحاول أن يتعايش بشكل طبيعي فيقع في الكثير من المشاكل إلا أن نفسه الطيبة ونيته الصالحة هي التي تجعل الجميع يتعاطف مع هذا الرجل وتجعلنا نحب الحياة من خلاله.

أبطاله

ودائماً ما يقدم ” عبد السيد” شخصياته من خلال أعين ممثليه الذي يدقق جيداً في اختياراتهم فلن نجد معه ممثل غير موهوب أو نصف موهوب بل دائما يتعاون مع من يستطيعون أن يضيفوا حقاً غلى شخصياته كمحمود عبدالعزيز في الكيت كات وأحمد زكي في أرض الخوف وآسر ياين في رسائل البحر وخالد أبو النجا في قدرات غير عادية ومواطن ومخبر وحرامي وغيرهم.

ولازالنا في انتظار مقطوعته الفلسفية الجديدة ولا نعرف متى ستصدر ولا كيف سيكون محتواها ” فعبدالسيد” يصعب جداً أن تعرف خطوته القادمة.

 

الساعة 25

اترك تعليق

يرجي التسجيل لترك تعليقك

شكرا للتعليق