بداية المعاناة مفردات هذه اللوحة تبدو فقيرة رغم دسامتها الغير ظاهرة. اللون السائد هو الأصفر بدرجاته، الداكن منه هو الأميز.. متدرج مابين البني المضئ والأصفر المنحاز نحو القتامة ؛ الأصفر هو لون الغيرة.
والبني هنا في الخلفية وبمساحات كبيرة يعطي شعور بالتصحر .. بطل اللوحة منفرد فلا شريك له، كأنه رمز ( لآدم ) وبدايته مع التعايش بكوكب الأرض.
ولأن الغيرة في بداية عهدها كانت لاتزال فطرية فظهرت هنا هادئة، وليست ( صفراء فاقع لونها) والأصفر أيضاً لون يبعث علي البهجة ان كان صارخاً، وهنا الخوف والترقب يسيطران علي الموقف لكون الحياة لازالت مجهولة المعالم.
علي الجانب الأيسر من اللوحة يظهر جزء دائري وكأنه قرص الشمس، الغريب أنها تطل من الغرب! فهل بسبب أن شمس الشرق لم تكن أشرقت بعد؟!
في فن الرسم كل شئ جائز ومباح، جسد بطلنا عريض المنكبين مما يؤكد أنه رجل، لكن العيون ترقبنا بنظرات أنثوية شاردة ودامعة، ومن سواها ( حواء ) أتاحت وأزاحت الستر والستار عن الدنيا لآدم لآدم، فبدت له الحياة بشكلها الجديد ومن منظور مختلف . هي بداخله، قابعة بجوار ضلعة لم تنفصل عنه بعد تلتمس فيه السكن والسكينة.
تجمعت فيهما مظاهر الحياة وألوان الأرض مجتمعة ( والطيف) قوس قزح والذي إن اجتمع أعطانا اللون الأبيض أي أنهما لازالا علي الفطرة. علي الفم لون أبيض يظهر كفقاعات هواء، ايحائاً بأول استنشاقهما لهواء الأرض، كطفل خرج للتو من كيس مخاض أمه.
وحده القمر غائب. وكأن آدم هو القمر، واليكم مراحل تطور القمر أنت القمر ومن يثنى له أن يضئ جبنات هذا الكون سواك!
خليفة الله فى الأرض (وياله من شرف عظيم) فكرة أنت فى ضمير الغيب نشأت، وفى خلد أبويك نضجت. افتخر بنفسك فأنت نتيجة حتمية للوفاق، والوفاء ، والحب. أنت راعى وناهى الحرب.
فيك من كل مظاهر الأرض شبيه لأنك من وهبها الوصف من قناعاتك الربانية، فيك من الشمس إشراقتها، مشرق حين تعطى وتبدع وتملئ الكون عمارةَ ونماء، تغرب أحياناَ وهذا حقك وحزنك الداخلى الذى يتحكم بك أكثر من تحكمك فيه.
بك من ضعف الطيور وحريتهم، ووفاء بعض الحيوانات ووحشيتهم، واسع الأفق والمدارك، كالبحر عميق وجميل غادر، ووممتلئ بالخيرات لمن رادها بصدق.
تمنح من حولك صفات الشهامة أو الجبن كلٍ على حسب ردة فعله معك. كجماد حين تعند، وكفراشة فى وقت جنوحك واريحيتك المعنوية.
ليلك لا يدوم طويلاَ، لابد وأن ينجلى لتنير مرة أخرى، متجدد .. متقلب .. سهل .. ومتعب .. غائم .. ومبهج .. شائك الطرقات يصعب الوصول اليك عندما تريد، فلا يدركك سوى كل قريب محبب الى نفسك.
قاسٍ كالحجر، رطب كالمطر، منبع كل الشهوات أنت وبرغم ذلك وحدك من يستغل مظاهر الكون كافة لارضاؤها ولا يتثنى لشئ أن ينال من شهواتك رغم ضعفك وقلة حيلتك الظاهريتين، عدو نفسك، أليس من عاديناهم من حولنا هم من أنفسنا!
نحن أبناء أدم وحواء، حبيب الجميع عندما تضحك لك الدنيا أو هكذا تعتقد أنها ابتسمت! فى حين أنها تكشر لك عن أنيابها، لكنك خلقت عجول غرور، ضعيف وفى ضعفك أذى لهذه الأرض، قوى وفى قوتك هلاكك أنت وحدك.