تعود مدينة القصير في ريف حمص إلى واجهة معارك الثورة السورية من باب تكثيف طائرات النظام ومدفعيته قصف المدينة المحاصرة، وسط إعلان الجيش الحر عن مقتل عشرة عناصر من حزب الله وإصابة عشرات آخرين خلال محاولتهم التسلل إلى قرى القصير، وكان ناشطون أكدوا امتلاك الجيش الحر جثتينْ تعودان لمقاتلينْ بالحزب.
ويرد الناطق باسم لجان التنسيق المحلية في حمص أبو الهدى الحمصي “هذا القصف المجنون والمنفلت من عقاله” لرغبة النظام في الانتقام لمقتل عناصر حزب الله وتمكن الثوار من سحب جثتين من قتلاه إضافة إلى أن الثوار استطاعوا ضرب رتل للجيش النظام مكون من 12 سيارة حيث دمروا خمسا منها تدميرا كاملا وقتلوا نحو خمسين عنصرا من قوات النظام”.
وأحصى الناطق الحمصي سقوط نحو خمسين قذيفة في الدقيقة بينها فراغية حولت شوارع في القصير “أثرا بعد عين” وعبر عن خشيته على نحو أربعين ألف مدني محاصرين لا يستطيعون الخروج لغياب الممرات الأمنة “ففضلوا اللجوء للكهوف لحمايتهم من القصف العشوائي” وتحدث الحمصي عن ارتفاع أعداد الشهداء التي تتزايد بشكل سريع إلى العشرات.
وأوضح أن الثوار صدوا أكثر من هجوم لاقتحام مدينة القصير لكنهم باتوا مرهقين بسبب قتالهم المتواصل، مطالبا ثوار حلب وإدلب ودير الزور بمساندة ثوار القصير لإراحتهم كي يستعيدوا نشاطهم ويعودوا للمعركة من جديد.
وأكد أن الثوار يستطيعون الصمود ثلاثة أشهر إضافية رغم أن الذخيرة تصلهم بكميات قليلة لكنهم يستطيعون إدارتها لتكفيهم فترة أطول.
معركة مفتوحة:
وهذه المنطقة التي شهدت جولات من المعارك في ريف القصير سيطر خلالها الجيش النظام وعناصر من حزب الله على قرى عدة، يشرح أهميتها الخبير الإستراتيجي اللبناني هشام جابر بأنها مهمة بالنسبة لطريق حمص، وأشار إلى أن حزب الله “تورط” بالمعركة وبات من الصعب عليه الانسحاب منها، وأضاف: في البداية كان عدد مقاتلي حزب الله بالمئات ولكن الآن زاد العدد بطريقة مضطردة مع تطور الأحداث واحتدام المعارك.
وأوضح جابر أن النظام السوري اتخذ قراراه بحسم معركة القصير مهما “كلفت من خسائر” ولفت إلى أن النظام لا يريد على ما يبدو سقوط مزيد من القتلى المدنيين، ولهذا ألقى مناشير فوق المدينة داعيا عبر مكبرات الصوت المدنيين لإخلاء القصير تمهيدا لاقتحامها والسيطرة عليها.
وتابع أن مدينة القصير “مكشوفة لا تحتوي على ملاذ آمن” والمدنيون الذين يريدون الفرار لا طريق لهم سوى التوجه شمالا لأن طريق الشرق صوب دمشق يسيطر عليه الجيش النظامي، كما أن جهة الغرب صوب نهر العاصي تقع بين أيدي القوات السورية وحزب الله.
وخلص إلى أن هناك معركة مفتوحة بين تحالف عسكري على الأرض بين الجيش النظامي وحزب الله ومجموعات شبه عسكرية مقابل الجيش الحر و”مجموعات إسلامية متشددة” جاءت من كل أنحاء العالم.
مكاسب سياسية:
أما مدير مركز الشرق الأدنى والخليج للدراسات العسكرية رياض قهوجي، فيرى أن هذه المعركة أساسية للنظام وحزب الله لأنها تربط مناطق نفوذ الأخير مع مناطق نفوذ النظام على الساحل الغربي، وهي ستكون الممر بين دمشق والساحل.
ورأى أن النظام وحلفاءه شعروا أنهم في سباق مع الحراك الدولي الباحث عن حل سياسي للأزمة، وهم يسعون لتحقيق إنجازات ميدانية تسبق أي مؤتمر دول أو لقاء قمة بين موسكو وواشنطن، وأضاف أنهم يجهدون لإنجاز أي اختراق لتعزيز دور النظام في أي مفاوضات مرتقبة.
وختم قهوجي أن النظام من دون حزب الله ما كان ليحقق أي إنجاز وما تركيزه على جبهة القصير “يعود لدور حزب الله الحاسم فيها وعدم وجود أي منفذ لدى الثوار”. ولفت إلى أن باقي الجبهات حدودها مفتوحة وتمكن الثوار من الحصول على مساعدات ودعم في العتاد والعديد.