رؤية مختلفة للأحداث !

الأغنية الأمازيغية بالجزائر.. فن ونضال

0

CVKJDFIGRD

شكلت الأغنية الأمازيغية في الجزائر على مدار تاريخها وسيلة للفنانين والمطربين للتعبير عن هموم وآمال ونضال الأمازيغيين، في سبيل تكريس حقوقهم الثقافية واللغوية، وللمحافظة على هويتهم.

وبرزت ظاهرة ارتباط الأغنية الأمازيغية بالسياسة وبالنضال، بشكل أكثر قوة مع اندلاع ثورة التحرير الجزائرية، حيث حمل فنّانون أمازيغ كغيرهم من الفنانين الجزائريين هموم شعبهم المطالب بالاستقلال والتحرر.
ويشير الكاتب والإعلامي المختص في الشأن الثقافي فيصل مطاوي -في حديث للجزيرة نت- إلى أن هذه المرحلة شهدت بروز أسماء كبيرة على غرار المطرب سليمان عازم (1918-1983)، الذي غنى بالفرنسية وبالأمازيغية، وأدى منذ مطلع الخمسينيات دور سفير الهوية الأمازيغية في فرنسا، وأصبح ناطقا باسمها، ومدافعا عنها.
ومثله الشيخ الحسناوي الذي عاش سنوات مرّة بالمنفى، والفنان الملحن والشاعر شريف خدام (1927-2012) صاحب رائعة “الجزاير إن شا الله أتسحلوظ” (أي: الجزائر إن شاء الله ستُشفى) الذي عاش هو الآخر خادما ومنافحا عن الهوية الأمازيغية بأغانيه وألحانه، ومن أشهر مقطوعاته الموسيقى التصويرية لفيلم “الربوة المنسية” المقتبس من رواية بالعنوان نفسه للأديب مولود فرعون، التي تصور معاناة شباب قرية منسية بأعالي منطقة القبائل خلال فترة الاستعمار.
ويشير مطاوي إلى أن المواضيع السياسية لم تكن حكرا على أمازيغ منطقة القبائل الكبرى، فمطربو الأغنية الشاوية، وهم من الأمازيغ، كانت لهم مواقف سياسية واضحة، على غرار عيسى الجرموني الذي كان يغني عن الاستقلال، ويتحدث عن الثورة، لكن بشكل مبطن وغير مباشر.

وبعد استقلال البلاد عام 1962، برزت فكرة النضال الخاص بالهوية الثقافية واللغوية للأمازيغ، مع إصرار الحكومة الجزائرية الفتية آنذاك على رفع شعار عروبة الجزائر، وإقصاء كل مكونات الهويات الأخرى للجزائريين بما في ذلك الأمازيغية، حينها مورست كل أنواع التضييق على نشطاء الحركة الأمازيغية، وكل مدافع عن هذه الهوية.
تهميش وإقصاء
وفي ظل اتهامات بالتهميش والإقصاء والمعاناة، نشأ فنانون من جيل الاستقلال، أشهرهم معطوب الونّاس الملقب “بالفنان المتمرد”، ولونيس آيت منقلات الملقب “بالفنان الحكيم”، وهما الشخصيتان الأكثر رمزية وحضورا في المشهد الأمازيغي الجزائري، حيث عاش الأول منافحا بأغانيه عن المطالب السياسية والثقافية للأمازيغ، وكان معارضا للسلطة والإسلاميين، وتم اغتياله عام 1998، وأعلنت الجماعة الإسلامية المسلحة مسؤوليتها عن مقتله.
وقبل أسابيع قليلة من اغتياله، أصدر معطوب ألبوما غنائيا أثار جدلا واسعا، حيث انتقد فيه النظام الجزائري، واتهمه بخيانة الأمانة، مستخدما لحن النشيد الرسمي للبلاد “قسما”.
بينما كانت أغاني الثاني تميل أكثر إلى الطابع الفلسفي، لكن مطالبه بالإصلاح السياسي والتمكين للهوية الأمازيغية كانت بابا لسجنه عام 1980 بتهمة انتمائه للمعارضة.
ورغم تأكيده عدم الانتماء لأي حزب سياسي، فإن آيت منقلات ظل مدافعا عن قيم الحرية والديمقراطية، وعن الثوابت الأمازيغية، ومن أشهر أغانيه “ثَافَاثْ مِي تسْنَزْرَا” (أي: عندما رأينا النور)، وتقدم هذه الأغنية دروسا في التحدي، وترجم المؤرخ محند أرزقي فراد أجزاء منها، جاء فيها:

إن أمرتم بالتراجع
إلى الأمام نسير
إن أمرتم بالوقوف
حطّمنا الحواجز
مهما كان إصراركم
فلن تصدّونا عن شق الطريق
وسيلة مقاومة
ويكشف المدون والمترجم من الأمازيغية للعربية بوبكر بلقاسم عن أن حضور الأغنية السياسية باللغة الأمازيغية إبان ثورة التحرير كان له دور في انتقال هذا التراث للجيل الآخر، فصار من عادة الفنانين إقحام السياسة والنضال في أعمالهم، إذ تعد الأغنية الملتزمة -حسب برأيه- سلاحا في يد هؤلاء، فالكثير من الفنانين عاشوا تجربة السجن بسبب ما يغنونه، وأصبحوا أيقونات في الغناء والنضال”.
ويؤكد بلقاسم للجزيرة نت أن “اللغة الأمازيغية كانت ممنوعة الاستعمال في حقبة ما، بل وكانت تتم محاربتها، فصار الغناء بها نوعا من المقاومة، ومن ثم أصبحت تحمل خطابا سياسيا محضا، يدافع عن اللغة والهوية”.

الجزيرة

اترك تعليق

يرجي التسجيل لترك تعليقك

شكرا للتعليق