رؤية مختلفة للأحداث !

السواريه فى حضرة «الحضرة».. الإنشاد الدينى يواصل الزحف نحو مقدمة الغناء

0
hadrabandآن الأوان أن نمنح فنوننا او بعض فنوننا الشعبية بعضا من حقها الضائع، فى ظل اهتمام مبالغ فيه من الاعلام ببعض من يدعون الغناء، وما هم الا مجموعة من المرتزقة الذين حولوا كل شىء واى شىء إلى لغة التجارة، لغة الربح والخسارة.هناك فرق للانشاد الدينى والمديح النبوى تستحق كل الاهتمام الاعلامى

، واستطاعت هذه الفرق رغم هذا التجاهل ان تعمل على نفسها وتكون قاعدة جماهيرية كبيرة ربما هذه القاعدة لا يتمتع بها الكثير ممن يدعون الغناء وتهتم بهم الفضائيات ليل نهار. من بين هذه الفرق «الحضرة» للانشاد الدينى والمديح وهى مكونة من 15 فردا يرتدون الثياب البيضاء وعلى رأسهم غطاء اخضر وهذه الملابس مع الغناء تشكل حالة روحانية شديدة داخل المسرح، خمسة منهم يعزفون على آلات العود والقانون والكولة والطبلة والرق و10 منهم من المنشدين الذين يتبارون فى الأداء الغنائى الواحد بعد الآخر وباقى التسعة يكونون ما يشبه البطانة له.«الحضرة» هى أول فرقة مصرية محترفة للإنشاد الصوفى الجماعى، أسسها نور ناجح على، فى بدايات عام 2015، بعد أن قام بنشر إعلان على موقع التواصل الاجتماعى «فيس بوك» يطلب فيه منشدين وعازفين لإنشاء الفرقة.أكبر اعضاء الفرقة 41 عامًا وأصغرهم 21 عامًا، من محافظات عدة فى مصر، وينتمون إلى مختلف الطرق الصوفية مثل «النقشبندية والخليلية والبرهانية»، وتعد أول فرقة إنشاد دينى لها حفلات ثابتة فى العديد من الاماكن أبرزها دار الاوبرا.وتتميز «الحضرة» بأنها الفرقة الوحيدة التى لها مستشار دينى تُعرض عليه القصائد قبل إنشادها، ومن أشهر أعمالها قصائد «حلفت بسرك الأسمى يمينًا للشيخ أحمد أبو خليل، وإنى جعلتك فى الفؤاد محدثى لرابعة العدوية، والمسكُ فاح للشيخ صالح الجعفرى، وأيضًا الليلة حلوة، أبا الزهراء، أنت المليك، صلوا على الزين، مدد يا سيدة، هنا الحسين، يا كرام جودوا»، وغيرها.ليلة الاربعاء الماضى كان جمهور المسرح المكشوف بدار الاوبرا على موعد مع الحضرة، الجمهور هو مفاجأة هذا الحفل، المسرح امتلأ عن آخره وتم اضافة مقاعد اضافية حتى يتسع المسرح للعدد الهائل من الجماهير، ولاول مرة منذ فترة ألاحظ وجود طابور طويل من البشر لا اراه إلا فى الحفلات الكبرى مثل حفلات عمر خيرت او يحيى خليل، نوعية الجماهير هى المفاجأة فعلا اغلبهم من الشباب 99 % منهم من كريمة المجتمع ــ كما يقولون ــ يرتدون ملابس السهرة «السواريه» وكأن الحفل للاوركسترا السيمفونى أو حفل لعمر خيرت داخل المسرح الكبير أو حفل ساهر فى احد الفنادق الكبرى. الملابس التى رأيتها ربما لا تناسب الجو الروحانى للحفل وهو ما يعكس ان للفرقة جمهورا عريضا جدا من طبقات يتصور البعض انها لا تهتم بمثل هذا اللون من الغناء، بجوار هذه الطبقه هناك ايضا طبقات شعبية بعضهم ارتدى ثيابا تحمل لون الفرقة فى اشارة إلى انهم من مريدى الحضرة فى كل مكان. حالة الانسجام والتفاعل بين الجمهور واداء الفرقة يعكس تناغما كبيرا وحالة من الانسجام تصل لدرجة التوحد، الاعمال الغنائية التى تقدم يحفظها الجمهور عن ظهر قلب ويرددها معهم رغم صعوبة تلك الاعمال فهى ليست اغانى عمرو دياب او تامر حسنى او محمد حماقى، سهلة الترديد، لكنها من اعمال لابن الفارض وغيره من كبار شعراء الصوفية، وبالتالى تحتاج لدرجة عالية من السمع والتركيز حتى تصل إلى الكلمة بشكلها الصحيح. اما عن الفرقة فاداؤها قائم على حالة من الانسجام كل منشد منهم يوازى مائة مطرب من هؤلاء الذين ينتشرون على ساحة الغناء، اصوات «الحضرة» غير متشابه كل صوت له شخصيته وباقى اعضاء الفرقة يتحولون إلى بطانة خلف المنشد الذى يؤدى العمل. ادت الفرقة مجموعة من الاعمال الصوفية تتنوع طرقها كالنقشبندية، الخليلية، البرهانية، وقدموا مزيجا من الإنشاد الدينى والابتهالات والذكر والمديح معتمدين على قصائد تنتمى للتراث الصوفى منها: سبحانك ربى، ما شممت الورد، سكن الفؤاد، هم بالحبيب محمد، اعد لنا ذكرى الاحباب، على بعد الحمى، الاماكن إلى الكنانة تهنى، احبك حبين، مدد يا سيدة، ارحم محبينك، سيدنا النبى يا جماله، انى جعلتك فى الفؤاد محدثى، قمر سيدنا النبى، يا من بلغ العلا بتمامه، لا اله الا الله، إلهى عليك توكلى.. واختتم الحفل بدعاء الحمد لله رب العالمين، أداء اعضاء الفرقة يخلق بداخل المتلقى حالة من الخشوع اللا متناهى وتجسد جسدك فى حالة من القشعريرة من فرط مفردات الوجد والهيام بذكر الله، انت داخل المسرح تجد نفسك معزولا عن كل شىء حولك الا الانسجام مع تلك الاعمال المختارة بعناية شديدة من الشعر الصوفى، ولما لا وانت فى حضرة من ذكر الله وذكر الرسول الكريم وكذلك اهل البيت وهى اعمال تجعل الجماهير تتمايل طربا وكأنها فى حلقة ذكر حقيقية وليس داخل مسرح مخصص للغناء.مصطلح إسلامى صوفى يطلق على مجالس الذكر الجماعية التى يؤديها المسلمون المنتمون للطرق الصوفية السنية بشكل خاص، ويكون على رأسها شيخ عارف بالطريقة ينبه على كل ما من شأنه أن يشوش إمكان الوصول إلى لحظة الصفاء. سميت بذلك لأنها سبب لحضور القلب مع الله ،وهى ركن هام فى طريق الصوفية. يتم فيها أداء أشكال مختلفة من الذكر، كالخطب وتلاوة القرآن والنصوص الأخرى من أدعية وأوراد، وإلقاء الشعر والإنشاد الدينى، والمديح النبوى المتخصص بمدح رسول الكريم والصلاة عليه، والدعاء والذكر الجماعى بشكل إيقاعى، وتلاوة أسماء الله الحسنى. يستخدم المحافظون من الصوفية أحيانا الدف أثناء الحضرات، فى حين أن بعض الطرق تستخدم آلات أخرى. تعرف الحضرة بهذا الاسم فى الدول العربية وبعض الدول الإسلامية غير العربية مثل إندونيسيا وماليزيا، فى حين تعرف بأسماء أخرى فى تركيا ودول البلقان. تكون فى معظم الأحيان فى ليلة الخميس بعد صلاة العشاء أو يوم الجمعة بعد صلاة الجمعة.تقديم دار الاوبرا لهذه النوعية من الفرق هو انتصار للفرق ذات اللون الشعبى كما انه انتصار كبير لفرق تحاول النهوض بالغناء والسمو به من دوائر الهبوط والتدنى التى نعانى منها فى مجتمعنا المصرى الذى اصبح الهبوط الفنى يحاصره من كل الاتجاهات، وبالتالى عندما نجد مجموعة من الفرق حريصة على الصمود ومواجهة التدنى فعلى كل المؤسسات ان تدعمها وهو ما تفعله الاوبرا الآن.لكن الاهم هو ألا تبخل الاوبرا فى تقديمهم على خشبة المسرح الكبير فى ظل هذا الاقبال الجماهيرى الكبير، خاصة أن جمهورهم لا يقل بأى حال من الاحوال عن جمهور المسرح الكبير فى هيئته، كما أن الفرقة تقدم أعمالا راقية جدا فى كل شىء.

اترك تعليق

يرجي التسجيل لترك تعليقك

شكرا للتعليق