رؤية مختلفة للأحداث !

بسمة تروي تفاصيل 21 شهرا بأمريكا وتؤكد عودتها لمصر بشكل نهائي

0
9544606 pقررت الفنانة بسمة العودة إلى مصر بشكل نهائى، بعد إقامتها فى أمريكا لمدة عامين تقريبا، برفقة زوجها الدكتور عمرو حمزاوى، الباحث بجامعة ستانفورد، شاركت خلالهما فى بطولة المسلسل الأمريكى Tyrant، وحصلت على كورس تمثيل فى نيويورك فيلم أكاديمى.

«الشروق» التقت بسمة فور وصولها القاهرة، فى أول حوار لها بعد العودة، لتتحدث عن تجربة الحياة فى أمريكا، ولماذا لم تستمر كممثلة فى هوليوود رغم نجاحها فى أول تجاربها العالمية، كما تكشف أسباب العودة لمصر، وكيف تأثرت بغيابها عن الساحة الفنية بشكل مرضى خلال الـ 5 سنوات الأخيرة، وما هى نصيحة المخرج داوود عبدالسيد التى لم تلتزم بها؟
تقول بسمة: تغيبت عن مصر 21 شهرا، بداية من أكتوبر 2015 وحتى يوليو 2017، وخلال العامين التى قضيتهما فى أمريكا، حدثت كثير من الأمور، منها المشاركة فى المسلسل الأمريكى Tyrant، والدراسة فى نيويورك فيلم أكاديمى، لكن طول الوقت كانت «نادية» ابنتى فى مقدمة أولوياتى.
لكن بعد هذه الفترة اخترت أن أعود بشكل نهائى لبلدى، لأن فكرة الإقامة باستمرار فى الخارج ليست مسألة سهلة بالنسبة لى، فأنا شخص ارتبط بالمكان والأشخاص، يضاف إلى ذلك أن هذه الفترة أثرت بشكل سلبى على وجودى فى أعمال فنية، إيمانا بالمثل الشهير «البعيد عن العين بعيد عن القلب»، ولكنى فى كل الأحوال لست نادمة، لأن تجربة السفر أضافت لشخصيتى الكثير، والأهم من كل ذلك، أنها كانت ضرورية بالنسبة لابنتى التى أعتبرها استثمارى الحقيقى فى هذه الحياة.
والحمد لله أننى كنت محظوظة على المستوى المهنى، لمشاركتى فى مسلسل أمريكى كبير بعد شهرين فقط من السفر، وبعيدا عن المغالطات التى صاحبت عرض المسلسل، استفدت من التجربة الكثير، وتعلمت ورأيت بنفسى كيف يعمل الأمريكان ليس فقط على المستوى النظرى ولكن بشكل عملى من خلال التعامل مع مخرجين مهمين.
مع انتهاء تصوير المسلسل فى يوليو 2016، خضعت لتجارب أداء كثيرة، ولكن لم يكن هناك فرصة مناسبة للاستمرار من خلالها، فكان القرار بأن أستغل مساحة الوقت التى كنت أملكها بأن أجرب الدراسة فى نيويورك فيلم أكاديمى، لأعرف هل الأمريكان بالفعل لديهم ما هو مختلف، وتأكدت بعد التجربة أن التمثيل مهنة وإن كانت تعتمد بشكل أساسى على الموهبة، لكن لابد من ثقلها بالدراسة، والحقيقة أننى استمتعت جدا بالتجربة، واستفدت منها الكثير، لأنها أعطتنى جرعة ثقة فى نفسى كبيرة جدا، بعد تجربة العمل فى مكان لا يعرفنى فيه أحد، وكأنى أمثل لأول مرة فى حياتى.
ولن أبالغ وأقول أننى تعلمت كل شىء، لأن مدة الكورس 4 أسابيع فقط انتهت فى مارس الماضى، كما أن شعورى الفعلى أن ما تعلمته يوازى ما يدرسه الطفل فى الصف الأول الابتدائى، لكن اتمنى ان تسمح الظروف بأن أعود للدراسة كلما توافرت الفرصة.
واكتفيت بورشة «التمثيل على الأفلام» فقط، لسببين الأول أننى كنت قد قررت بالفعل أن أعود لمصر بشكل نهائى فى بداية الصيف، وبالتالى لم يكن واردا الارتباط بدراسة طويلة المدى، يضاف إلى ذلك أن الدراسة فى أمريكا مكلفة جدا.
* هل قرار الدراسة كان هدفه إعداد نفسك للعمل بأمريكا؟
السبب الحقيقى كان شعورى بأن جزءا من روحى ضاع منى ولا أجده، ولم يكن ليعود الا بالتمثيل، خاصة أننى خلال الفترة الأخيرة كنت أشعر انى «مصدية» مثل الجهاز المركون ويحتاج إلى التنظيف حتى يعود للعمل بكفاءة.
فأنا لم أشارك فى أعمال فنية بالشكل الذى أتمناه وأطمح اليه منذ 5 سنوات تقريبا، ورغم أن هذا الكورس مدته قصيرة، الا أنه منحنى جرعة ثقة بالنفس كبيرة جدا، فلأول مرة يأتينى تقرير من أساتذتى بدرجات 100%، وكان رأى الممثلة والمخرجة الأمريكية بلانش بيكر «بسمة واحدة من اكثر من الممثلات موهبة اللتى تعاملت معهن فى التدريس على مدار 20 سنة»، وهناك أستاذ آخر قال «بسمة كانت فى الفصل مشجعة لباقى زملائها ان يرتقوا بمستواهم لمواكبة ايقاعها»، وهذه الكلمات فرقت معى كثيرا، وكنت سعيدة بها وكأنى طفل نجح فى المدرسة.
* لماذا لم تستمر تجربتك كممثلة فى أمريكا؟
لأكثر من سبب، أولها، أن مسلسل Tyrant الذى شاركت فى بطولته، كان فى جزئه الثالث والأخير، والشركة المنتجة لم تحب إنتاج جزء جديد، ثانيا، نظام الترشيح للشغل فى أمريكا مختلف تماما، فليس معنى أن ممثل شارك فى مسلسل ونجح أن تأتيه الأدوار بسهولة، فالصناعة هناك كبيرة جدا، ومعظم الممثلين تابعون لشركات إدارة اعمال فنانين، والتى فوجئت أنها قلما تتعامل مع اشخاص موجودين فى امريكا بشكل مؤقت، وفى نفس الوقت التمثيل بدونها صعب جدا.
الأمر الثالث مرتبط بمواصفاتى الشكلية الشرقية جدا، التى تصعب من عملية ترشيحى لتجسيد شخصية مواطنة أمريكية، أيضا هناك عائق اللهجة، فرغم أننى اتحدث الانجليزية بشكل جيد، ولكن طريقة النطق مختلفة عن الأمريكان.
كل هذه الأمور تحصر الممثل الشرقى فى نوعية من الأدوار، وهذا ما لم أسمح به، لأن طموحى لم يكن الذهاب للعمل فى مجتمع جديد لتقديم ادوار متشابهة، فى حين ان رصيدى فى بلدى يجعلنى قادرة على تقديم أدوار ترضى غرورى التمثيلى بشكل أكبر.
فالسينما الأمريكية تستعين بالممثلين العرب لتقديم الصورة النمطية فى اذهان الغرب عن العالم العربى، وستجد معظم الادوار مرتبطة بالارهاب، وعلى سبيل المثال هناك شاب مصرى اسمه امين الجمل مولود فى أمريكا، حارب سنوات طويلة حتى بدأ يرشح لادوار ليست مرتبطة بشكله المصرى، كذلك خالد النبوى عندما سافر للتمثيل فى امريكا، استمر سنوات طويلة محصورا فى دور شخص من منطقة الشرق الاوسط بسبب ملامحه، نفس الأمر بالنسبة لعمرو واكد، حتى أنه عندما قدم احد افلام هوليوود الكبيرة مع سكارليت جوهانسون ظهر بشخصية فرنساوى الجنسية وليس امريكيا.
فليس أمرا سهلا على الاطلاق أن تقتحم صناعة الفن فى هوليوود، باعتبارك «واحدا منهم»، ودائما ستكون بالنسبة لهم قادما من مكان آخر، أو كما يقولون هم «من مجموعة عرقية مختلفة».
وفى كل الأحوال، أتمنى الوصول لحالة من التوازن بأن يكون عملى الرئيسى فى مصر، وفى نفس الوقت اذا جاءتنى فرصة لتقديم عمل جيد فى الخارج، اسافر من اجلها ثم اعود مرة أخرى لبلدى، فالعامان الماضيان تعلمت منهما أن مكانى فى مصر وليس فى أى مكان آخر.
والسفر من البداية لم يكن قرارا، ولكن فى أحيانا الظروف العائلية تدفع الإنسان لخطوات لم تكن متخيلة أو محسوبة، فزوجى جاءته فرصة عمل جيدة فى أمريكا، وابنتنا «نادية» كانت صغيرة فى هذا التوقيت، وتحتاجنا بنفس القدر، فذهبت معه كأى زوجة مصرية لمدة عامين، ثم قررت العودة إلى مصر بعد أن كبرت قليلا، لأهتم بعملى.
* إلى أى مدى تعتبرى نفسك شريكة فى غيابك عن الساحة الفنية بهذا الشكل؟
مؤكد أن قراراتى الشخصية أحد أسباب الغياب، لأنى فى لحظة تخيلت أننى قادرة على تقديم شيء للمجتمع بعيدا عن عملى كممثلة، ورغم أن الأستاذ داوود عبدالسيد قال لى ناصحا من البداية: «انت بتشتغلى ممثلة، واكتر حاجة تقدرى تفيدى بيها المجتمع انك تقدميله شغلك على احسن وجه، لأن لو كل واحد فى المجتمع عمل شغله على اكمل وجه هو ده اللى هيساعد مجتمعنا يتقدم، من حقك تهتمى بالشأن العام لكن متسمحيش بأن يأتى ذلك على حساب شغلك»، والحقيقة أنى اخطأت لأنى سمحت لاهتمامى بالشأن العام أن يأتى على حساب شغلى فى فترة من الفترات، ودفعت ثمن هذا الخطأ غاليا.
لأن الممثل لا يحب شيئا أكثر من أنه يمثل، يخرج من شخصية ليدخل فى اخرى، فالأدوار تضيف لشخصى بنفس القدر الذى اضيفه اليها وربما أكثر، لذلك أشبه نفسى فى الفترة الماضية بـ«وعاء»« يؤخذ منه فقط ولا يضاف له شىء، فشعرت بالخطر لأننى يمكن أن يصيبنى الصدأ إنسانيا وليس فقط فنيا.
* خلال فترة غيابك.. هل خطر لك الاستغناء بشكل نهائى عن مهنة التمثيل؟
هذه الفكرة لم تكن أبدا مستساغة بالنسبة لى، فأنا لم أعرف نفسى غير ممثلة، واحب هذه المهنة جدا، وبعيدا عن المقابل المادى والشهرة أكثر ما يسعدنى فى هذه الحياة أن أقدم شخصية تعجب الناس.
والحمد لله أن ابنتى «نادية» أكملت عامها الرابع قبل أيام، وبالتالى أصبح لدى فرصة أن أعود إلى عملى دون أن تتأثر، وهذا ليس من أجلى فقط، ولكن من اجلها أيضا، لأنى مهتمة جدا أن تجد والدتها متحققه وناجحة فى مهنتها وتحافظ على شغلها وحياتها، حتى أكون قدوة ومثلا أعلى لها.
والتحقق بالنسبة للانسان هو الذى يمنحه الثقة ويعطيه القدرة على مواجهة قسوة الحياة.
ولو جاءنى هذا التفكير، سيكون فى لحظات الاحباط فقط، فانا أبدا لن اتخلى عن شغلى وابحث عن عمل آخر، حتى فى أصعب الأوقات، لأنى مستوعبة أن عمر الممثل ليس كبيرا، خاصة النساء، فهناك لحظة تنسحب السجادة من تحت اقدامهن، وتتغير نوعية الأدوار وموقعها فى العمل، وأتخيل أن هذه اللحظة تكون مؤلمة جدا.
* هل لديك قناعة بالتوقف عن التمثيل قبل أن يتقدم بك العمر؟
هناك نمط من الممثلات اخترن فى لحظة ما الابتعاد عن التمثيل، مثل هند رستم وليلى مراد لتظل صورتهن عند الجمهور واحدة، وهذا يكون اختيارا واعيا جدا منهن.
والحقيقة أننى سألت نفسى كثيرا، ماذا أفعل عندما اصل لهذه المرحلة، هل سأتوقف، أم سأستمر كما فعلت الاستاذة يسرا وليلى علوى وإلهام شاهين، وهن نماذج ناجحة، لكنى لم أصل إلى قرار نهائى، فكل ما أعرفه حاليا، أننى أريد ان استمر بالعمل فى مجال الفن، لكن ليس بالضرورة عندما أصل لمرحلة معينة من العمر أن أكون ممثلة، وربما أتواجد من خلال الإخراج أو الانتاج، وقد قرأت تصريحا للأستاذة ليلى علوى تقول فيه إن اخراج فيلم سينمائى هو أحد أهم أحلامها، وأرى أن ذلك حلم مشروع للممثل، اذا ارد أن يأخذ راحة من التمثيل، هناك اشياء اخرى فى نفس المجال يستطيع ان يقدمها.
* ما هو أكثر شيء مؤلم فى سنوات الغياب؟
الحقيقة تجربة «أهل اسكندرية» موجعة جدا بالنسبة لى، لأن كل من شاهد المسلسل ومنهم الاستاذ خيرى بشارة مخرج العمل، أكد أنى قدمت دورى بشكل جيد جدا، لذلك قرار منعه كان «كسرة» كبيرة بالنسبة لى.
ورغم أننى لم أكن الممثلة الوحيدة فى المسلسل، وكان معى هشام سليم وعمرو واكد ومحسنة توفيق وغيرهم، لكن شئنا أم أبينا فكرة المنع تثير القلق عند البعض، ويجعله يتردد فى التعاون مع الممثل خوفا من ان يمنع عمله هو الآخر من العرض.
فمنع عرض المسلسل ظلم كل الناس التى عملت فيه، وظلمت الشركة المنتجة التى صرفت كثيرا من الأموال ليتم تنفيذه، وأتمنى فى يوم الأيام أن يخرج من العلب ويرى النور، لكن فى كل الأحوال حياتى لن تقف عليه، وبالفعل منذ هذا المسلسل شاركت بظهور خاص فى مسلسل «ستيفا»، وقريبا فى «الشيخ جاكسون» مع عمرو سلامة، بالإضافة إلى مشاركتى فى المسلسل الأمريكى Tyrant، فأنا لم انقطع تماما ولكن لم اقدم ما أريده.
* أخيرا.. لماذا انقطعت تماما عن السياسة ولا تبدين رأيك فى أى شىء؟
الحقيقة من قبل 30 يونيو 2013، لم اشارك فى أى عمل سياسى ولا أعلق على شىء ايضا، لانى كنت حاملا فى ابنتى فى هذا التوقيت بالشهر الثامن، وكان لدى تخوفات كثيرة مرتبطة بالمرحلة الجديدة من حياتى، فقد أصبح لدى طفلة، ولا أعرف إلى أى مدى سيؤثر شغلى عليها، والعكس ايضا، واكتشفت أن كل تفكيرى وهواجسى مرتبطة بابنتى وبالشغل.
لكن ليس هذا هو السبب الوحيد، فأنا اكتشفت بعد فترة من الانشغال بالسياسة، أن هناك أشياء كثيرة كنت اعتقد أنى يمكن أن افهمها، ولكن ثبت أنها أكبر من فهمى وليست مجالى فآمنت بالمثل الشائع الذى يقول «إدى العيش لخبازه».
ومن الآن لا أريد أن يسألنى أحد عن السياسة، لأنى ممثلة، وما أفهمه هو الفن، يمكن أن يكون لى رأى اجتماعى أو إنسانى، أما السياسة فكما قلت سابقا، هى أكبر منى بكثير، وكل ما يمكن أن أقوله فيها مجرد انطباعات شخصية وليست بناء على معرفة وعلم حقيقى.
 
الشروق

اترك تعليق

يرجي التسجيل لترك تعليقك

شكرا للتعليق