رؤية مختلفة للأحداث !

ضياء العزاوي.. شاهد على العصر بالرسوم واللوحات

0

esdkkdiieiieieiiiiiii

يشكل الفنان العراقي ضياء العزاوي (78 عاما) حالة ثقافية لافتة في العالم العربي، تتجلى في منجز تشكيلي وإبداعي ثري ومتنوع يمتد على مدى أكثر من خمسة عقود، ويعكس

اشتباكا وثيقا مع مختلف هموم البلد والإقليم وتجريبا لأشكال تعبيرية وفنية كثيرة.
وتمثل أعمال العزاوي المعروضة في العاصمة القطرية منذ أكتوبر/تشرين الأول الماضي في إطار في معرض استعادي ضخم (من 1963 إلى الغد)، مناسبة للاطلاع على هذه التجربة التشكيلية الغنية التي تحلق في سماء العالمية دون الانسلاخ عن جذور الهوية.
فمنذ تخرجه من معهد الفنون الجميلة في بغداد عام 1963، بدأ العزاوي رحلة الإبداع بالتفاعل مع المحيط القريب واستلهام ما يزخر به من إرث ثقافي ورمزي وديني وفلكلوري ضارب في أعماق التاريخ والذاكرة الجمعية لبلاد الرافدين.
ومن ضفاف التراث والثقافة الشعبية، بدأ التزام العزاوي وانخراطه في لجة السياسة في عراق مثقل بأعباء الانقلابات والمظالم، وكانت البداية عام 1968 بالتفاعل مع أشعار مظفر النواب وما تمثله من نبرة احتجاجية ونقدية على الظلم والطغيان.

سؤال فلسطين
وسرعان ما اتسعت دائرة الالتزام واتجهت البوصلة إلى القضية الفلسطينية بكل حمولاتها الإنسانية والوجدانية والعروبية، وهكذا تفاعل العزاوي مع انكسارات حركة التحرير الفلسطينية وتداعيات ما عرف عام 1970 باسم “أيلول الأسود”.
ومنذ ذلك المنعطف، ظل السؤال الفلسطيني حاضرا في أعمال العزاوي من خلال التفاعل مع فصول دامية من مسار تلك القضية (اغتيال الكاتب غسان كنفاني عام 1972، وحصار مخيم تل الزعتر للاجئين الفلسطينيين في لبنان عام 1976، ومذبحة صبرا وشاتيلا عام 1982، ومجزرة جنين عام 2002..).
في غضون ذلك انفتح العزاوي على آفاق فنية عالمية جديدة، واكتشف تقنيات الطباعة الفنية في أكاديمية صيفية في مدينة سالزبورغ النمساوية عام 1975، وفي العام الموالي اختار المنفى وانتقل للإقامة في العاصمة البريطانية.
في لندن، عاش العزاوي تجربة انخلاع عن المكان وحالة ابتعاد عن القضايا السياسية، وانصب اهتمامه على مسائل الأشكال الجمالية فأخذ يكتشف الشكل واللون بنمط ثلاثي الأبعاد، وعمق دراسته للمخطوطات والطباعة الفنية بغية تطوير العلاقة بين الصورة والنص التي يعتبرها سمة مميزة لتاريخ الفن العربي.

بلاد السواد
لكن قوس العزلة الإرادية سرعان ما سيقفل على إيقاع الصواريخ والطائرات والقنابل، عندما قادت الولايات المتحدة هجوما على العراق في مطلع عام 1991 على خليفة غروه للكويت. وهكذا وجد العزاوي نفسه مجددا في معترك السياسة، واختار في هذه المرحلة استلهام الهوية القديمة للعراق باعتباره “بلاد السواد”.
إضافة لحمولة المصطلح الأصلية وهي الأراضي الخصبة المروية بمياه نهري دجلة والفرات، أضاف العزاوي للكلمة في أعماله معنى جديدا يضخ بروح الاحتجاج والغضب على دمار بلده، ويتمثل في الإحالة لطقوس الحداد السائدة لدى أهل البلاد.
وبعد عقد ونيف، نز الجرح العراقي في أعمال العزاوي على خلفية تعرض بلاد الرافدين عام 2003 لغزو دولي بقيادة الولايات المتحدة وبريطانيا، ولا تزال ندوبه قائمة لليوم متمثلة في تصدع وحدة البلاد وخراب ذاكرتها الثقافية وتدمير بنياتها الأساسية وتفاقم انقساماتها الطائفية والعرقية.
وفي هذه المرحلة من محنة “بلاد السواد” كان تفاعل العزاوي أكثر تعقيدا من تجربة عام 1991، وبشكل يعكس حجم الصدمة بحيث بدأت أشكال أخرى من التعبير تحل مكان الاستخدام البارز للشكل البشري والذي ظهر في أعماله أواخر الستينيات.
وكان اللافت في هذه المرحلة هو المزاوجة بين أعمال صغيرة بعضها أصبح أساسا لمنحوتات برونزية وإنجاز لوحات ذات قياس كبير تشبه الجداريات، لتكون شاهدا على حجم المأساة والدمار الذي لحق بالعراق جراء ذلك الغزو.
ومنذ ذلك التاريخ، مد العزاوي جسورا جديدة مع المنطقة وبدأ مرحلة من التفاعل المهني والإبداعي في عدة بلدان تقتسم مع بلاد السواد خصائص المناخ والجغرافيا وكثيرا من روابط الثقافة والتراث، لكنها تزخر بإمكانات كبيرة للعطاء والحوار الفني والإشعاع الثقافي.

الجزيرة

اترك تعليق

يرجي التسجيل لترك تعليقك

شكرا للتعليق