وول سوينكا كاتباً مسرحياً في «الأسد والجوهرة»
تقع أحداث مسرحية وول سوينكا «الأسد والجوهرة» (المركز القومي المصري للترجمة/ نقلها إلى العربية نسيم مجلي) في إحدى قرى اليوروبا النائية وتدعى
إيليو جينلي. يضفي سوينكا على المسرحية طابع السخرية الواقعية، إذ يضع الصراع في بؤرة ضوء قوية من خلال الشخصيات الرئيسة، وفي مقدمها «سيدي»؛ أجمل فتيات القرية أو جوهرة إيليو جينلي؛ التي تجد نفسها ممزقة بين تقاليد الماضي والحياة الحديثة. في البداية تقع سيدي في غرام مدرس يدعى لاكونلي يدعم إدخال المخترعات التكنولوجية الحديثة إلى القرية، ويدعو إلى تحرير المرأة ومساواتها بالرجل. وذات يوم يمر بالقرية مصور صحافي، فيلتقط صوراً عدة لـ «سيدي»، تظهر على غلاف مجلة واسعة الانتشار، وبالتالي تصبح حسناء القرية حديث العاصمة لاغوس.
ويرى شيخ القبيلة باروكا الملقب بالأسد، والبالغ من العمر ستين سنة صورة الفتاة على غلاف المجلة، ويفتنه جمالها، فيقرر أن يضمها إلى زوجاته، ويرسل ساديكو؛ زعيمة زوجاته لكي تخطب سيدي له. ولكن سيدي ترفض طلبه قائلة لساديكو: أنتِ تضيعين وقتك بلا فائدة. لماذا لم يأت باروكا ويخطبني من قبل أن يأتي الغريب ويحضر الصور؟ لماذا لم يمنحني الأسد جوهرته قبل أن تزف صوري بالتكريم في كل أنحاء البلاد؟».
وحين فشلت ساديكو في إقناعها قامت بدعوتها إلى العشاء معه لأنه يود أن يهنئها بالتكريم الذي نالته. ولكن سيدي ترفض الدعوة لأنها تعرف أن كل امرأة تناولت العشاء مع باروكا ذات ليلة، قد أضحت زوجته أو محظيته في الليلة التالية.
وفكر باروكا في حيلة ذكية تنطلي على كبرى زوجاته، وهو يعلم أنها لا تكتم سراً؛ وسوف تشيع الخبر وتنقله بدورها إلى سيدي لكي يستدرجها التحدي. يقرر أنه شاخ وفقد رجولته، وحين تستغرب ساديكو كلامه يرد عليها بدهاء شديد: «كنت أريد سيدي فعلاً؛ لأن الأمل كان يراودني. أعرف أنها فكرة حمقاء، لكني كنت أتعلق بالأمل، فالزواج بشابة تتدفق أعماقها بالمشاعر الحارة يمكن أن يوقظ قوتي الخائرة، وينقذ كبريائي». تصدق ساديكو هذه الكذبة، وبعد أن تبدي حزنها أمامه تخرج من عنده شامتة مسرورة، وهي تعتبر ما حدث انتصاراً لبنات جنسها من النساء، ثم تبدأ في الرقص حول الشجرة قائلة: خذوا حذركم أيها السادة/ فسوف نهزمكم في النهاية». وتسرع لإبلاغ سيدي بهذا الخبر وتدعوها إلى الرقص والغناء معها في ساعة النصر، وفي النهاية تفهم سيدي وترد قائلة: «أشعر الآن بسعادة غامرة لأني خلقت امرأة». وتدفعها لإظهار قدرتها على السخرية منه، وتذهب إليه في بيته، وهكذا تنجح خدعة باروكا في الإيقاع بسيدي.
وعقب تجربة الحب الناضج مع باروكا تقف سيدي بجانبه وترفض حبيبها الأول مدرس القرية لاكونلي؛ الذي بعد أن يعرف أنها فقدت بكارتها، يعلن أنه مستعد للزواج منها، شرط أن تتخلى عن فكرة المهر لكنها ترفض هذا العرض قائلة: «أتظن أنه يمكنني أن أحتمل لمسة رجل غيره؟! أنا التي تحسست القوة وحماسة الشباب الدائم مع فهد الغابة الأسود الذكر. أيمكن بعده أن أختار لنفسي نسخة هامدة لرجل لم تنبت له لحية؟!».
وتواصل سيدي كلامها فتقول: «ابتعد عن طريقي أيها القزم الذي يتغذى على الكتب. هل تعرف قيمة القوة التي بعثها في كياني؟ إن هذا ليس بالأمر الهين بالنسبة إلى رجل جاوزَ الستين، لعله سر من أسرار الآلهة ونفحة منهم. إنه أمر يستحق أن تدق من أجله الطبول، وأن تؤلف الأغاني».
وتنتهي المسرحية على صوت ساديكو، وهي تبتهل إلى ربات الخصب بأن تمنح سيدي ذرية كثيرة من نسل الأسد، بينما يقوم لاكونلي بإفساح مكان بين الراقصين لعذراء جديدة.
ويرد الناقد الإنكليزي جيمس جيبز على الذين يرون أن المسرحية تقدم رسالة رجعية فيقول: «إنهم أساءوا قراءة المسرحية، فهي تحتفي بحيوية باروكا ودهائه. إن مفتاح المسرحية يوجد في كلمة نطق بها باروكا في مشهد الغواية وهو يخاطب سيدي: على القديم أن يتدفق في الجديد، لا أن يتعامى أو يعزل نفسه عنه. إن فتاة مثلك يجب أن ترث المعجزات التي يكتشف سرها –فقط – الشيوخ».
سوينكا، شاعر وكاتب مسرح وروائي وناقد ، حصل على جائزة نوبل في الأدب عام 1986، وبعد هذا التكريم قفز اسمه إلى مصاف الأعلام في العالم، وصدرت الطبعة الأولى من مسرحيته «الأسد والجوهرة» عام 1963.
الحياة
I’m a #Trainer , #Web_designer & #Social_Media_Specialist ...
Prev Post