رؤية مختلفة للأحداث !

أعداء النجاح في المنطقة العربية

0

أيقظت بطولة كأس العالم الأخيرة مشاعر كامنة بين أنظمة الحكم في المنطقة العربية وهي نفس المشاعر التي تسببت في أزمة الخليج الأخيرة وفي حصار قطر وقبلها في الانقلاب على الثورات الشعبية السلمية.

بالأمس تسلمت قطر في شخص أميرها عنوان تنظيم الدورة القادمة من كأس العالم لكرة القدم بحضور رئيس الفدرالية الدولية ورئيس الدولة المنظمة وهي روسيا بما يعني إقراراً دولياً بأن مونديال 2022 قطري بامتياز ولا تراجع عنه.

ليس هذا مدار الموضوع، بل مداره الصدمة الكبيرة التي رافقت فوز قطر بتنظيم كأس العالم، وهي الصدمة التي لم تعلن عنها أنظمة عربية معينة في حينها، بل خرجت للعلن مع إعلان الحصار واندلاع أزمة الخليج الأخيرة..

نجاح الدوحة أثار حفيظة الجيران وحرّك عندهم غريزة ردّ الفعل ومنع تحقيق النجاح وهو ما يبرز إعلامياً خلال المدّة الأخيرة وبشكل سافر.. اليوم سقط مخطط الحصار في الماء، كما سقطت كل المخططات الأخرى التي حاولت الإطاحة بالتجربة القطرية.

إن الفشل الذريع الذي مني به حصار قطر إنما يشكل جزءاً من حرب أوسع اندلعت جولتها الأخيرة منذ ثورات الربيع، حيث يشكل الانقلاب في مصر والمحاولة الانقلابية الفاشلة في تركيا جزءاً أساسياً منها..

أي أن ما يحدث اليوم في المنطقة العربية عامة والخليجية خاصة لا ينفصل عن معطيات أشمل تشكل الإطار العام للمشهد العربي والإقليمي اليوم.

الجديد في المشهد العام هو أن الفريق المعادي للثورات والصانع للانقلابات هو نفس الفريق الذي يحارب نماذج النجاح الأخرى التي تكاد تنفصل عن الجانب السياسي مثل نجاح قطر في تنظيم كأس العالم..

لسائل أن يسأل لماذا تستميت دول الحصار، خاصة دولة الإمارات في الحرص على منع قطر من تنظيم كأس العالم وهو تنظيم لا علاقة مباشرة له بالجانب السياسي؟

في غياب تفسير منطقي أو عقلاني لهذا السلوك فإن التعليل الوحيد الممكن يعتمد على إدراج هذا الحرص في إطار الحرب المفتوحة التي تقودها دول الحصار على كل النماذج الناجحة في المنطقة العربية سواء كانت سياسية أو اقتصادية أو إعلامية أو رياضية.

إن قدرة قطر على تحقيق إشعاع رياضي تنظيمي عبر كأس العالم 2022 هو الذي يفسر الهجمة الشرسة وغير المبررة ضدها لكن الكارثة الأكبر تظهر في أن يتحوّل العجز عن الفعل عند بعضهم إلى منع الآخرين من تحقيقه، أي أن الدولة أو الدول العاجزة عن تحقيق النجاح تحارب القادرين عليه عوضاً عن أن تسعى إلى تحقيقه.

 

* د. محمد هنيد أكاديمي تونسي وأستاذ بجامعة السوربون – باريس

اترك تعليق

يرجي التسجيل لترك تعليقك

شكرا للتعليق