رؤية مختلفة للأحداث !

التركيز الدولي على المتشددين أكثر من المجازر

0

dwiewivfll bwovfkjcuf 84326بقلم: روزانا بومنصف
توجه النظام السوري الى مجلس الأمن خلال الأسابيع الأخيرة بطلبين يقعان موقعاً ايجابياً لدى الاعضاء الدائمين في مجلس الأمن،  احدهما يتصل بارسال فريق تحقيق في ما تقول دمشق انه هجوم بالاسلحة الكيماوية شنه افرقاء المعارضة في خان العسل قرب حلب واستجاب مجلس الأمن لهذا الطلب في الوقت الذي لا يزال فريق التحقيق ينتظر في قبرص نظراً الى رفض النظام ان تطاول مهمة فريق التحقيق أمكنة استخدم فيها السلاح الكيماوي كما في حمص بناء على طلب المعارضة.

اما الطلب الآخر الذي رفعه النظام الى مجلس الأمن فيتصل بادراج جبهة النصرة على لائحة التنظيمات الارهابية الخاضعة لعقوبات دولية مدفوعاً بجملة عوامل تصب في مصلحته لهذه الجهة ابرزها اعلان النصرة تبعيتها لتنظيم “القاعدة” وادراجها قبل اشهر من واشنطن على لائحة التنظيمات الارهابية واستعداد دول اخرى للقيام بالمثل.

ومع ان هذين الطلبين ليسا وحيدين باعتبار ان النظام لجأ في الاشهر الاخيرة لتقديم شكاوى لدى مجلس الأمن، فانهما من حيث مضمونهما وتوقيتهما يندرجان وفق ما ترى مصادر ديبلوماسية متابعة في اطار محاولة النظام ومساعيه الالتفاف على مساعي دول عربية لاعطاء مقعد سوريا لدى المنظمة الدولية الى المعارضة السورية بعدما احتلت مقعد سوريا لدى الجامعة العربية باعتبار ان تجاوب النظام مع الامم المتحدة في موضوع التحقيق حول الاسلحة الكيماوية والتي لا تزال تجرى مفاوضات في شأنه يبقيه فاعلاً وصاحب حضور ولا يمكن تجاوزه أياً تكن الاسباب شأنه في ذلك شأن البحث عن حل سياسي للأزمة في سوريا والحاجة الى تعاون النظام من اجل المرحلة الانتقالية وان لم يكن مرجحاً ان تحصل المعارضة على مقعد سوريا نتيجة اعتبارات متعددة احدها هو رفض روسيا والصين ودول اخرى اقل اهمية. الاّ انه في ظل الحرب السياسية والاعلامية القائمة جنباً الى جنب مع الحرب العسكرية يحاول النظام ان يكسب بالنقاط، خصوصاً في المعارك التي تخاض على الصعيد الدولي، كما ان هناك معركة الدفاع عن صورته واستمرار تماسكه امام السوريين الداعمين له وتوفير الاسباب الكافية للدول الداعمة له للاستمرار في ذلك لجهة انه ليس منهاراً او ما شابه.

وفي خضم تبادل الضربات الاقليمية والدولية على ما اضحى عليه الوضع في سوريا، تخشى المصادر المعنية ان يكون النظام كسب لمصلحته نقاطاً اضافية من بينها في الايام القليلة الماضية: اجتماع وزراء خارجية الدول الثماني الصناعية الكبرى في لندن اخيراً وتتويج نتائج اجتماعهم بالفشل في الموضوع السوري نتيجة عدم التوصل الى اتفاق على حل لانهاء الازمة وان كان اعيد تأكيد اتفاق جنيف ومهمة الاخضر الابرهيمي. اذ لم يتم التجاوب مع مطالب المعارضة بتسليحها وفق ما طلب ممثلوها بالتزامن مع تماهي جبهة النصرة التي كانت المعارضة رفضت ادراجها من واشنطن على لائحة التنظيمات الارهابية مع تنظيم القاعدة واعلان مبايعتها له مما شكل ضربة قوية للمعارضة السورية وأحرج الدول الاوروبية المتحمسة لتسليح المعارضة ومساعدتها. كما ان المسألة تحرج الدول العربية ايضا في تسليحها المعارضة خصوصا متى ادرجت الامم المتحدة الجبهة على لائحة التنظيمات الارهابية الخاضعة للعقوبات الدولية نظرا الى زيادة صعوبة حسم عدم وقوع الاسلحة في ايدي جبهة النصرة وتاليا تنظيم القاعدة.

ان الدول الكبرى المؤثرة تبدو محرجة بالعدد الهائل من الضحايا الذي سقط في سوريا حتى الان في ظل استمرار العجز عن القيام باي شيء يمكن ان يوقف الحرب هناك بحيث بات الوضع في سوريا مشكلة حقيقية للمجتمع الدولي خصوصا في ما يتصل بتنامي الفصائل او التنظيمات المتشددة. اذ ان المواقف الدولية تركز على هذا الموضوع بقوة اكبر من تركيزها احيانا على المأساة الانسانية في سوريا والمجازر التي ترتكب وهو امر يفيد الى حد كبير النظام الذي يرتاح لتسليط الضوء على هذا الجانب مما اصبحت عليه الثورة في سوريا من الجانب المتعلق بالانتفاضة على اربعين سنة من الحكم البعثي والذي لم يعد يذكر الا لماما او بالكاد. اذ في الوقت الذي يفترض او يتوقع ان يشكل تحول سوريا ملاذا او قاعدة للارهاب وفق مزاعم الدول الكبرى ومخاوفها حافزاً لعمل دولي مشترك سريع يوقف ذلك، فان الدول الكبرى تكتفي بالتحذير. اذ اعلنت موسكو في الايام القليلة الماضية” ان لديها قلقا من اهتمام اكبر لـ”القاعدة” بسوريا وخطط مرصودة لارهابيين دوليين لتحويل هذا البلد الى منصتهم الرئيسية للانطلاق في الشرق الاوسط” فيما كرر مسؤولوها منذ بداية الثورة في سوريا قبل عامين انها تدعم نظام بشار الاسد خوفا من وصول الاسلاميين واحتمال تنامي نفوذهم الى اقاليمها الاسلامية، في حين ان الوضع اضحى اكبر بكثير مما اعربوا عن خشيتهم منه، نظراً الى تناقل وسائل الاعلام الروسية تأثر شمال القوقاز الروسي بالثورة السورية والرغبة في دعم الشباب لها.

ويقع في الخانة نفسها اي افادة للنظام من المواقف الدولية استمرار الاحجام الاميركي عن الاضطلاع بدور اكبر لانهاء الوضع في سوريا. فمواقف الرئيس باراك اوباما بعد انتخابه لولاية ثانية كانت ولا تزال صادمة بالنسبة الى متابعين كثر في ما يتعلق بسوريا وكان آخرها اعلانه امام الامين العام للامم المتحدة بان كي مون ان “الوضع في ذلك البلد بلغ منعطفا دقيقاً”. وفي الوقت الذي يفترض ان يوحي هذا الكلام باتجاهات نحو قرارات مفصلية، نقل عن اوباما قوله على اثر اللقاء نفسه “اننا سنضع استراتيجية حول كيفية عمل الامم المتحدة مع الولايات المتحدة للتوصل ان لم يكن الى حل كامل للازمة السورية، اقله الى تحسن بالنسبة الى الشعب السوري ووضع اسس عملية انتقالية تعد ضرورية”.

وهي مجموعة عوامل الى جانب اخرى كثيرة اضحت مؤثرة في اعتبار الازمة في سوريا مستمرة لوقت طويل، اذ انه على رغم ثقة كثر بأنها كانت كذلك منذ ما بعد الاشهر الاولى لانطلاق الثورة واعلانهم بانها ستطول كثيراً، الا ان التكهنات استمرت بان الازمة لن تترك لتصل الى الحال التي وصلت اليه فيما بات ترحيل محاولة ايجاد افكار جديدة للتعاطي مع الوضع السوري من اجتماع دولي الى اجتماع اخر عنوانا للعجز الدولي واستمرار المأساة السورية حتى اشعار اخر.

اترك تعليق

يرجي التسجيل لترك تعليقك

شكرا للتعليق