رؤية مختلفة للأحداث !

عودة العشائر للمشهد التعبوي العربي

0

الصورة: المرجع الديني ميرزا تقي الشيرازي وقادة ثورة العشرين في العراق

رفعوا ‏بيارق بأسمائهم فدب الهلع في قلب المنطقة الخضراء.. رؤساء العشائر يقودون العملية ‏السياسية والكيان السياسي لسلطة الدولة يتراجع!

عودة العشائر للمشهد التعبوي العربي تظهر أن العشيرة ليست تنظيما اجتماعيا بدويا ‎إذ صارت شكلاً ‏لمجتمع ما قبل الدولة، والآن شكل ‏لمجتمع ما بعد الدولة أيضاً

بقلم: ظافر محمد العجمي

جراء قصور حركة الأفندية والملالي، قادت العشائر العراقية ثورة العشرين في العراق ضد الاحتلال البريطاني صيف 1920م. وفي ساحة ‏ثورة العشرين، بمحافظة النجف ‎تجمع المتظاهرون بعد ما يقرب من مائة عام، بمشاركة شيوخ العشائر الذين شاركوا المتظاهرين ورافعوا ‏بيارق ورايات بأسمائهم.

فدب الهلع في قلب المنطقة الخضراء فرؤساء العشائر صاروا يساهمون بشكل فاعل في صياغة العملية ‏السياسية، لتراجع الكيان السياسي لسلطة الدولة، بل وأعلن مجلس شيوخ العشائر عن براءتهم من أبنائهم في القوات الأمنية ممن يعتدون ‏على المتظاهرين.

لكن وساطات قادتها الحكومة مع شيوخ عشائرية كبحت «مليونية الجمعة» 20 يوليو 2018 م. مما جسّد بشكل واضح ‏تجدد دور العشيرة في فرض آليات الضغط المجتمعي.

والصورة نفسها تكررت أكثر من مرة، ففي سوريا يحاول النظام تعبئة العشائر ‏ضد الوجود الأميركي والغربي، فيما يشارف بدعم روسي على إحكام السيطرة على جنوب سوريا، مما دفع الملتقى الوطني للقبائل ‏والعشائر بالحسكة للتلاحم مع النظام.

وفي اتجاه معاكس أعلن المجلس الأعلى للعشائر والقبائل السورية 19 يوليو 2018 عن رفضه ‏منح الشرعية للنظام السوري. أما في لبنان فيحاول حزب الله تشكيل «لواء القلعة» على شاكلة قوات الحشد الشعبي في العراق، من ‏العشائر في البقاع. ويتكرر اعتماد الحكومة التعبوي على العشائر في سيناء.

أما ليبيا فما زالت كما وصفها هيرودوت منذ 2500 عام ‏قبائل بدو رحل متحالفة لغاية، أو متناحرة لغاية، وإن اختلف ترحلهم وتنوع اليوم عن سابقه، وصار ترحلاً ولائياً، بعدما كان مجرد ترحل ‏مكاني -كما كتب عبدالواحد حركات.

والمعركة القادمة في ليبيا ستكون بين ثلاث حكومات تتنازع على إدارتها هي «المؤقتة» و«الوفاق» و«‏الإنقاذ»، وكل طرف يحاول توحيد مختلف عشائر ليبيا خلفه في انتخابات 10 ديسمبر المقبل.

وفي الخليج لم تعد القبيلة في الكويت، كما ‏كتب مبارك الجِرِي، «مجرد تنظيم اجتماعي بدوي، قائم على استحضار العادات والتقاليد من التاريخ، ولم تعد القيم الصحراوية المصدر ‏الوحيد الذي يشكل الشخصية والتفكير».

بل نكاد نقول نحن إن القبيلة بانخراطها في الحياة السياسية واللجان الخيرية التي تتبعها ‏وتخدم كل المجتمع تكاد تتحول إلى إحدى منظمات المجتمع المدني، خصوصاً أن أمير القبيلة لم يعد المسؤول عن توجهات ‏القبيلة، أو المرجع السياسي لها، وهذا ما يفسر قلة ترشح أمراء القبائل في المعارك الانتخابية البرلمانية مؤخراً.

وهذا يؤكد أن البنية ‏العشائرية أبرز سمات المجتمع العربي، لكن فكرة القبيلة همشتها حركة القوميين من جورج ‏حبش، ووديع حداد، وميشيل عفلق، تأثراً ‏بقسطنطين زريق، الذين بحثوا في الظاهرة القبلية بصفة تعسفية في الشرق، وفي المغرب كان ينظر القوميون للأمازيغية كقبلية رجعية أيضاً…‎ ‎

عودة العشائر للمشهد التعبوي العربي تشي بأن العشيرة لم تعد مجرد تنظيم اجتماعي بدوي، ‎ بعد أن صارت شكلاً ‏لمجتمع ما قبل الدولة، والآن شكل ‏لمجتمع ما بعد الدولة أيضاً في العراق وليبيا وسوريا، فبداوة القبيلة تهمة، وتحضر غيرها تهمة أيضاً.

* د. ظافر محمد العجمي المدير التنفيذي لمجموعة مراقبة أمن الخليج.

المصدر: «العرب» القطرية.

مفاتيح: العراق، ثورة العشرين، رؤساء العشائر، البداوة، مجتمع ما بعد الدولة، تنظيم اجتماع بدوي، المشهد التعبوي، البنية العشائرية،

اترك تعليق

يرجي التسجيل لترك تعليقك

شكرا للتعليق