بقلم: مراد يتكين
التقت أول من أمس “مجموعة أصدقاء الشعب السوري”، وهي مجموعة مكونة من عدة بلدان تشكلت العام الماضي لتحديد شكل سوريا بعد رحيل الأسد، في المغرب في رابع اجتماع لها، والذي اتسم بكونه اجتماعا حاسما لسببين أساسيين: الأول هو أن مرحلة الحرب الأهلية في سوريا تعطي انطباعا بأن نظام بشار الأسد يستعمل آخر سلاح في جعبته من أجل البقاء في السلطة، وأحدث تصريح بهذا المعنى جاء من جهاز الاستخبارات الخارجية الألماني، الذي لمح إلى أن أيام النظام السوري ربما تكون معدودة، كما توجد معلومات لدى الحكومة التركية منذ أسابيع بأن أجزاء كبيرة من البلاد قد أصبحت الآن خارج سيطرة دمشق. وعلى الجانب الآخر، فإن اتساع نطاق الحرب الأهلية والطبيعة غير المنظمة لقوات الثوار تسببا في ظهور جماعة إسلامية متشددة تدعى “جبهة النصرة” وتبدأ في القتال مع الثوار بدعم من “مجموعة أصدقاء الشعب السوري” أيضا. وقد بدأت الفصائل الانفصالية الكردية بالفعل في القتال نيابة عن قوات الأسد، وبالتالي فإن الوضع برمته قد يتحول إلى حالة من الفوضى.
والسبب الثاني هو أن رياح السياسة الدولية قد بدأت في التحول أكثر فأكثر ضد سوريا، حيث وقعت سلسلة من التطورات المثيرة للاهتمام خلال الأيام الـ10 الماضية، مثل التصريحات التي أدلى بها الرئيس الروسي فلاديمير بوتين أثناء مؤتمر صحافي مشترك عقده في إسطنبول مع رئيس الوزراء التركي رجب طيب أردوغان يوم 3 ديسمبر (كانون الأول)، وقال فيه إن بلاده لا تناصر نظام الأسد. ويعتبر ذلك تطورا هاما في موقف روسيا، على اعتبار أنها كانت (بالإضافة إلى الصين) البلد الذي صوت 3 مرات متتالية ضد صدور أي قرار من الأمم المتحدة بشأن سوريا.
وفي اليوم التالي، أعلن المتحدث باسمه أمام الصحافيين في مدينة عشق آباد أن الدبلوماسيين الأتراك والروس قد يبدأون في بحث بعض الأفكار الجديدة، أعقب ذلك تأكيد مصادر في أنقرة أن تركيا وروسيا اتفقتا على بحث خطة جديدة تجاه سوريا. وفي يوم 7 ديسمبر الماضي، التقت وزيرة الخارجية الأميركية هيلاري كلينتون بنظيرها الروسي سيرغي لافروف والمبعوث الرسمي للأمم المتحدة وجامعة الدول العربية الأخضر الإبراهيمي في دبلن للتشاور حول الوضع في سوريا، وكانت قد أقرت في مطلع شهر يوليو (تموز) الماضي الإجماع الذي تم التوصل إليه في جنيف على تشكيل حكومة انتقالية في سوريا بالمشاركة ما بين روسيا والغرب. وفي اليوم التالي، تحدث لافروف مجددا وذكر أنه سيكون من الخطأ الاعتقاد بأن الموقف الروسي من سوريا قد تغير، مما زاد من حالة البلبلة والارتباك.
والسؤال الذي يدور في ذهن الروس ربما يكون عن نوعية الحكومة الانتقالية المطلوبة لإنهاء الحرب الأهلية في سوريا التي يقترحها مؤتمر “مجموعة أصدقاء الشعب السوري” في المغرب. وترى تركيا وفرنسا وعدد آخر من البلدان ضرورة احتضان عناصر حزب البعث الذي ينتمي إليه الأسد كي لا يتكرر السيناريو العراقي مرة أخرى، بالإضافة إلى حماية أرواح وحقوق الأقليات في ظل الصعود القوي للسنة في البلاد، بعد أن ظلوا يعانون من القمع طوال عقود. وتم تمثيل “الائتلاف الوطني السوري” الذي تأسس حديثا في مؤتمر المغرب، وإذا كانت نتيجة المؤتمر مرضية لكل من المعارضة وأجزاء من الحكومة السورية الحالية وروسيا و”مجموعة أصدقاء الشعب السوري”، فربما تكون هناك فرصة للعثور على إجابة للسؤال المذكور في العنوان: هل ستكون سوريا بلدا أفضل بعد سقوط الأسد؟
———————–
* نقلاً عن صحيفة الشرق الأوسط عن صحيفة “حرييت ديلي نيوز” التركية