ترامب وكيم جونغ أون: من يضغط الزر النووي أولاً؟
بعد التجربة الصاروخية الأخيرة لكوريا الشمالية في بحر اليابان التي جاءت بعد قرارات أممية جديدة ضدها، ثم الإعلان عن قدرة بيونغيانغ على تركيب رأس نووي على صواريخها الباليستية صار
واضحا أن كوريا الشمالية باتت تشكل خطراً كبيراً على الولايات المتحدة الأمريكية وحلفائها في كوريا الجنوبية واليابان وهو ما تم الرد عليه بتصريحات ترامب العنيفة حول «الغضب والنار» وإعلانه أن قواته جاهزة للقصف، وهي تصريحات لا يبدو أنها ردعت زعيم كوريا الشمالية، كيم جون أون، عن مقابلة التهديد بتهديد بمثله، تمثّل، هذه المرة، بالتهديد بقصف جزيرة غوام الأمريكية في المحيط الهادئ بأربعة صواريخ باليستية.التصعيد العسكري وتطوير الترسانة الصاروخية والنووية من قبل بيونغيانغ قابلته، حتى الآن، عقوبات اقتصادية أممية كبيرة الأثر ستحرم بيونغيانغ عمليّاً من ثلث دخلها؛ وضغوط متصاعدة على الصين، التي تقوم بتزويد كوريا الشمالية بقرابة 86٪ من وارداتها (وتستورد منها ما يقارب الرقم نفسه)؛ وتهديدات أمريكية مباشرة وصلت مؤخرا إلى حدّ التلويح بإسقاط نظام كيم جونغ أون.الدول القريبة من خطّ النار بدأت تحسب حساباتها، فالصين التي أعلنت أنها ستبقى محايدة إذا نفذت بيونغيانغ تهديدها قالت، في المقابل، إنها ستدافع عن جارتها إذا ما قامت واشنطن بضربة وقائية مسبقة وحاولت الإطاحة بنظام كيم. ما يعنيه هذا الكلام، على الأغلب، هو أن كوريا الشمالية لن تكون من يقصف أوّلا لأنها ستخسر حماية بكين لها، وتكون قد حكمت على نظامها الدكتاتوري، بالإطاحة، وعلى البلاد بالخراب.موقف بكين تحكمه استراتيجيات الجغرافيا السياسية فزوال نظام كيم سيوحّد شبه الجزيرة الكورية تحت نظام موال للولايات المتحدة الأمريكية مع ما يعنيه ذلك من مخاطر على حدود الصين قد تعرقل خططها لمزيد من التحكم في بحر اليابان وبحر شرق الصين، وهذا ينسحب، على مستوى الجغرافيا السياسية، إلى حدّ أقلّ على روسيا، التي تحظى بنافذة برّية صغيرة على حدود كوريا الشمالية، وتتشارك مع الصين واليابان والكوريتين الجنوبية والشمالية الإطلالة على بحر اليابان.لكنّ نجاحات بيونغيانغ في توسيع مدى صواريخها الباليستية التي يمكن تزويدها برؤوس نووية، وصولاً إلى القارة الأمريكية، سيضيّق شيئاً فشيئاً من الخيارات الأمريكية، التي لا يمكن أن تتعايش مع تهديد من هذا النوع، وهي ستستخدم، بالتأكيد، قدراتها الاقتصادية والسياسية الهائلة لنزع هذا التهديد دبلوماسياً، وسيكون الخيار العسكري موضوعاً، بالتأكيد، على الطاولة، بغض النظر عن الدمار على مستوى البنية التحتية والبشر، التي تفوق التصوّر على شبه الجزيرة الكورية وجوارها.لا يتعلّق الأمر، في النهاية، بتصريحات ترامب العنيفة، ووضعه الداخليّ المتقلقل، أو بمزاج كيم جونغ أون الخطير، بل بالاستعصاء الذي تشكّله حالة كوريا الشمالية، وبإحساس القوّة الأمريكية، الأكبر في العالم، بالخطر. الاستعصاء المسلّح بصواريخ بعيدة المدى يمكن أن تحمل رؤوسا نووية، يذكّر الجميع، للأسف، بنهايات الحرب العالمية الثانية، وبإلقاء قنابل ذرية على هيروشيما وناغازاكي في اليابان، التي ما انفكّ كيم جونغ أون بقرّب صواريخه الساقطة من أراضيها، وهي، على الأغلب، ستكون أحد أهدافه إذا اندلعت الحرب، أما إذا شهدنا سقوط صواريخ كيم على أمريكا (وهو احتمال ضعيف) فسيكون ذلك انتقاما تاريخيّا لليابان نفسها، وانغلاقا للدائرة التي فتحها الرئيس الأمريكي هاري ترومان وعادت إلى دونالد ترامب بعد 72 عاماً.
القدس العربي
هذا المقال لا يعبر بالضرورة عن رأي الموقع
I’m a #Trainer , #Web_designer & #Social_Media_Specialist ...