رؤية مختلفة للأحداث !

سوريا: المؤامرة خطاباً وفعلاً

0

sdhgkkjwo vbvwetukj 3789بقلم: نور الله السيد 
يتلذذ النظام السوري بحكايته عن المؤامرة وعن اعدائه وراءها، وكأن العالم بكل استخباراته لا يعرف ما يجري. والعالم، الذي لا يصدق روايته، ليس سوى متآمر، ومن ثم فالنظام يتعرض لمؤامرة كونية.

وهو على هذه الحال منذ أول يوم لاندفاعة السوريين مطالبين بالحرية، وهو سيبقى على هذه الحال ما دام على قيد الحياة، اذ بغير هذا لن يستطيع المناورة مع اي وسيط يحشر انفه في الازمة السورية ليضعه بذلك امام العثرة الكبرى التي تحرج كل وساطة، فهو يقول: نحن مستعدون للحوار ولكن بشرط ان توقف الدول المتآمرة تآمرها على سوريا، وهذا ما ابلغه للابرهيمي في لقائهما الاول. وهنا هو، لاضفاء مزيد من المصداقية على ادعائه، يوجه رسالة الى مجلس الامن يطالب فيها بمنع تركيا من دعم الارهابيين في سوريا وتسليحهم، وينسى ان في تركيا وحدها حوالي مئة الف لاجئ فروا من فتك النظام بداية ومن العنف الذي يهدد حياتهم في المناطق الملتهبة لاحقاً.

ومنذ اليوم الاول لم يطرح النظام حلا سياسيا، انما قال بالمؤامرة مترافقة مع ضرورة اجراء “اصلاحات” تحقق رغبة المتظاهرين الاول “المحقة”، وعلى الارض كان يمارس العنف سياسة لقمع المتظاهرين، آملا السيطرة على البلاد والعباد من جديد ووأد الثورة. وانتهت السنة الاولى من الثورة وسوريا على حال واحدة: تظاهرات تتكرر كل جمعة تطالب باسقاط النظام ونظام يقمع التظاهرات بالعنف على خلفية ان ما يحدث هو مؤامرة. ومع توجه الثورة نحو السلاح زاد عدد القتلى اضعاف ما كان عليه الامر في البداية وزاد تمسك النظام برواية المؤامرة، واصبحت الدول المتآمرة تزود المتآمرين السلاح والاموال، وزاد في مصداقية روايته ما تداولته وسائل الاعلام عن تزويد المعارضة المسلحة السلاح والاموال او وسائل الاتصال او تدريبها على قيادة سوريا بعد الاسد، بالرغم من انكشاف زيف معظم هذه الادءعات.

والتمسك بمقولة المؤامرة لا يعني الا الرفض الفعلي لاي حل او تعطيل اي اقتراح حل اتكاء على مقولة المؤامرة، وسيتابع النظام غوايته، وليس بامكانه الاتيان بقول آخر لا اليوم ولا مستقبلا. والسبب بسيط للغاية، فقبول النظام بأي حل، يحقق ولو جزئيا مطالب السوريين، سيعني بالضرورة انتهاء النظام. والسؤال: ما هو المدخل الى الحل دون ان يترك للنظام الرمي بطلبه العبثي؟

وفي الواقع ليس في الافق اية امكانية لايقاف صبيانية النظام الازدرائية، فلا احد من الفاعلين على الارض يمكنه ان يقول قولاً حازماً لهذا النظام بأن عليه ان يتعامل مع الازمة السورية بجدية تفسح المجال لاي حل راهناً. اذ لا المعارضة الداخلية، سواء السلمية او المسلحة بقادرتين حتى الآن على حسم الامور. وليس من جهة خارجية تريد جعل المعارضة المسلحة بقادرة على حسم الامر عسكريا مختبئة وراء اعذار انكشف زيفها، ولا احد يريد التدخل فعلا على نحو يجعل النظام يعيد حساباته.

من ثم فان من يتعرض للمؤامرة فعلا هو الشعب السوري، فالنظام لا يتوقف عن البطش به ودول العالم تستمر في النباح والنواح ليس الا، وهذا يذكي رغبة النظام في المزيد من العنف، وهو ما ادركته ايضا روسيا والصين وايران منذ بداية الانتفاضة السورية وشاركت النظام اطروحته في المؤامرة وما من شيء يثنيها عن ذلك، بالرغم من ان ثنيها عن ذلك كان ممكنا دائما لو اراد من بيده ذلك، ولكنه لا يريد، وتعرف روسيا والصين وايران انه لا يريد. ومن هنا عبثية مهمة الابرهيمي والرباعية الاقليمية التي ستطالبها ايران بمطلب النظام نفسه. وسيتابع السوريون دفع فاتورة العبثية هذه الى ان يقدر الله امراً كان مفعولاً.

ولا من حل ينقذ سوريا غير حل سقوط النظام، اذ لا يمكن لمن ضحى بقدر ما ضحى السوريون ان يقبل باقل من ذلك. والنظام لن يرحل طواعية، ولا يمكن للمنتفضين السوريين الا المتابعة، والا فدون ذلك تنكيل النظام بهم وحكمهم بالشبيحة علاوة على المخابرات المقيتة الصيت، وهنا الاحجية المستحيلة الحل، راهناً على الاقل. والزمن هو الكفيل بحل كل القضايا مهما كانت شائكة، والثمن هو ألا تقوم لسوريا قائمة بعد اليوم، وهو ما يريده المتآمرون ويدركه النظام ويستشعره السوريون رعباً ومرارة!

———————
* كاتب وأستاذ جامعي سوري

اترك تعليق

يرجي التسجيل لترك تعليقك

شكرا للتعليق