رؤية مختلفة للأحداث !

سوريا… تقارب مع “فتح” وتباعد مع “حماس”

Image processed by CodeCarvings Piczard ### FREE Community Edition ### on 2017-05-25 16:04:18Z | |
0

في الوقت الذي تتواصل فيه قطيعة “حماس” مع النظام السوري منذ عام 2012، وخروجها منها عقب اندلاع الثورة السوريّة في عام 2011، فإنّ حركة “فتح” تبدي انفتاحاً ملحوظاً على سوريا، وشهدت سلسلة زيارات فلسطينيّة رسميّة لدمشق، فيما تواصل الأخيرة إغلاق أبوابها أمام “حماس”.

وإنّ الزيارة الأخيرة لدمشق قام بها وفد قياديّ فلسطينيّ برئاسة عضو اللجنة المركزيّة لـ”فتح” عزّام الأحمد في 9 تمّوز/يوليو للبحث في العلاقات الثنائيّة وأوضاع اللاّجئين الفلسطينيّين ومستجدّات الوضع السياسيّ في المنطقة وصفقة القرن ووضع المخيّمات الفلسطينيّة في سوريا، وسيلتقي بشخصيّات رسميّة سوريّة، من دون كشف هويّتها.

ما زال الوفد الفلسطيني بدمشق، واجتمع في 10 يوليو بفيصل المقداد نائب وزير الخارجية السوري بمقر الخارجية السورية، وأكد المقداد وقوف سوريا بجانب القضية الفلسطينية، وهنأ عزام الأحمد القيادة السورية بانتصاراتها ضد المجموعات المسلحة.

وفي 11 يوليو، التقى الوفد الفلسطيني برئيس الوزراء السوري عماد خميس بدمشق بمقر الحكومة السورية، لبحث أحداث المنطقة والحرب على الإرهاب، مؤكدا أن سوريا ستبقى داعمة للشعب الفلسطيني رغم انشغالها بالحرب على الإرهاب.

وفي يوم 11 يولي اجتمع الوفد الفلسطيني مع بعض الفصائل الفلسطينية كالجبهتين الشعبية والديمقراطية لتحرير فلسطين، بمقر سفارة فلسطين في دمشق لبحث أوضاع القضية الفلسطينية.

ليست المرّة الأولى التي تفتح فيها سوريا أبوابها لحركة “فتح”، إذ زار وفد قياديّ منها في حزيران/يونيو برئاسة عضو لجنتها المركزيّة سمير الرفاعي مقبرتيّ الضحايا الفلسطينيين في مخيّم اليرموك – وسط دمشق، بمشاركة قادة فصائل العمل الوطنيّ الفلسطينيّ في الساحة السوريّة، باستثناء “حماس” التي لا تتواجد فيها منذ عام 2012. كما عقدت “فتح” – إقليم سوريا في آذار/مارس من عام 2018 مؤتمرها الدوريّ العام في دمشق بمشاركة أعضائها في مختلف مناطق سوريا. وكانت “فتح” قد نظّمت بصالة الجلاء الرياضية بدمشق في كانون الثاني/يناير من عام 2017 مهرجاناً عبّرت فيه عن تقديرها للقيادة والشعب السوريّين في استمرار دعمهما ورعايتهما للمقاومة والفصائل الفلسطينيّة.

وفي هذا الإطار، قال عضو المجلس الثوريّ لـ”فتح” عبد الله عبد الله في حديث لـ”المونيتور”: “إنّ الزيارة الفلسطينيّة الحاليّة لدمشق التي بدأت يوم 9 يوليو تأتي لتوثيق العلاقات الثنائيّة، وستركّز على إعمار مخيّم اليرموك الذي تضرّر كثيراً في معارك الجيش السوريّ والمجموعات المسلّحة، ونشعر بأنّ الموقف السوريّ هو الأقرب لنا لرفض صفقة القرن، وسوريا ترى منظّمة التحرير الممثل الشرعيّ للفلسطينيّين. ولئن نجحت فتح في ترميم علاقتها بسوريا، فإنّها لم تغضب غيرها كالسعوديّة، بعكس حماس التي ترهن تحالفاتها لهذه الدولة أو تلك”.

وكانت سوريا قد وافقت في آب/أغسطس من عام 2015 على إعادة فتح مكتب حركة “فتح” بعد 3 عقود على إغلاقه واعتمدت سمير الرفاعي ممثّلاً للحركة هناك، بعد أن كانت الفصيلة الفلسطينيّة الوحيدة الممنوعة من فتح مكاتبها فيها، بعد انشقاق العقيد أبو موسى المدعوم من سوريا عن فتح، عقب قطيعة دمشق و”فتح” بعد الاجتياح الإسرائيليّ للبنان عام 1982، ثمّ توتّرت علاقاتهما بعد إبرام اتفاق أوسلو مع إسرائيل في عام 1993 بسبب رفض دمشق له.

وقال عضو “مجموعة العمل من أجل فلسطينيّ سورية” في اسطنبول محمود زغموت لـ”المونيتور”، التي تأسست بلندن في 2012 لمتابعة أوضاع اللاجئين الفلسطينيين بسورية، بمبادرة شخصيات فلسطينية وعربية، وتعمل لتوثيق أوضاعهم الميدانية، وتوجيه النداءات الإنسانية من أجلهم، “إنّ سوريا تحرص على استعادة الورقة الفلسطينيّة لتجميل صورتها بعد ما حصل في المخيّمات السوريّة من دمار، بالتواصل مع فتح في غياب حماس. ولقد أطلقت سوريا في السنوات الماضية يدّ فتح للنشاط الخيريّ والكشفيّ والفعاليّات السياسيّة، الأمر الذي كان ممنوعاً منذ عام 1982، وهذا يعني أنّ علاقتهما باتت قويّة بشكل كبير”.

يقع مخيم اليرموك للاجئين الفلسطينيين جنوب دمشق، كان يعيش فيه 170 ألفاً من فلسطينيين وسوريين، ومساحته 3 كم2، ومنذ اندلاع الأزمة السورية في 2011 بين النظام السوري والمعارضة، بات يواجه القصف العنيف للنظام على أحيائه، بحجة ملاحقة المجموعات المسلحة، مما أسفر عن مزيد من الدمار فيه، ولم يتبق فيه اليوم سوى ستة آلاف شخص، عقب فرار عشرات الآلاف منه بسبب الحرب، وتمكن النظام من طرد المجموعات المسلحة منه في أبريل 2018.

على صعيد “حماس”، قال رئيس مكتبها السياسيّ إسماعيل هنيّة في 11 حزيران/يونيو لوكالة أنباء سبوتنيك: “إنّ حماس لم تقطع علاقتها مع سوريا، لكنّ الظروف الموضوعيّة أدّت إلى العلاقة الحاليّة، ونحن نعتبرها دولة شقيقة وقف شعبها ونظامها بجانب الحقّ الفلسطينيّ، ونأمل أن يعود السلم الأهليّ إليها”.

من جهته، أشار الرئيس السابق للمكتب السياسيّ لـ”حماس” خالد مشعل في لقاء مع قناة “بي بي سي” في 25 أيّار/مايو إلى أنّ الحركة انحازت إلى الشعب السوريّ، ولا تنسى ما قدّمه النظام السوريّ إليها، ففضّلت الحياد.

وأعلن مسؤول “حماس” في غزّة يحيى السنوار لقناة “الميادين” في 21 أيّار/مايو رفض “حماس” لأيّ عدوان إسرائيليّ على سوريا، قاصداً القصف الأميركيّ لها في 14 نيسان/إبريل، ردا على هجوم بالغاز السام يوم 8 أبريل ضد المدنيين السوريين بمدينة دوما السورية منسوب للنظام السوري أسفر عن مقتل 70 شخصا، ودانت “حماس” الهجوم، ووصفته بالعدوان السافر.

بدوره، قال القياديّ في “حماس” بغزّة محمود مرداوي لـ”المونيتور”: “إنّ حماس تنظر إلى سوريا من منطلق جيو- استراتيجيّ، وهي مهمّة لتطوّر دعمها العسكريّ. نحن لا ننكر معروف سوريا الذي قدّمته إلينا، فمواقفها تجاه القضيّة الفلسطينيّة تستحقّ الشكر، وإنّ إيران وحزب الله معنيان بعودة علاقاتنا معها لأهميّتها من النواحي العملياتيّة. ورغم ذلك، فإنّ زيارة قيادة حماس لسوريا ليست على الأجندة في المرحلة الحاليّة”.

كلّ هذه المواقف الحمساويّة الساعية إلى ترميم العلاقة مع سوريا لم تسهم في تليين موقف الأخيرة منها، بل أعلن الرئيس بشّار الأسد لقناة “العالم” الإيرانيّة في دمشق في 13 حزيران/يونيو أنّ مجموعات من المقاومة الفلسطينيّة، لم يذكر أين توجد، تستخدم المقاومة لتحقّق أهدافاً سياسيّة تحت عنوان الدين، قاصداً “حماس”، الأمر الذي يعني أنّ الفجوة بينهما ما زالت بعيدة منذ خروج الحركة من دمشق في عام 2012 لعدم رغبتها في الانخراط بالصراع السوريّ الداخليّ، الأمر الذي اعتبره النظام خذلاناً له، بعد أن استضافها لديه منذ عام 2000، وقدّم إليها التسهيلات التي طلبتها، وهو ما لا تنكره الحركة.

أمّا أستاذ العلوم السياسيّة في جامعة “النّجاح” بالضفّة الغربيّة ورئيس المركز المعاصر للدراسات وتحليل السياسات رائد نعيرات فقال لـ”المونيتور”: “إنّ سوريا بانفتاحها على فتح، فإنّما تكافئها على موقفها الذي بدا داعماً للنظام ضدّ الثورة السوريّة، لأنّ فتح تعتبر حزباً حاكماً، وتقف على طول الخطّ ضدّ أيّ احتجاجات شعبيّة، في حين أنّ سوريا ما زالت غاضبة من حماس، وستبقى كذلك، ما لم تقدّم الحركة إلى السوريّين ما يريدون منها، عبر موقف واضح: إمّا معنا وإمّا ضدّنا، وحماس لا يمكنها أن تقدّم هذا الموقف، الأمر الذي يعني بقاء القطيعة قائمة”.

وأخيراً، يبدو أنّ تقارب سوريا مع “فتح” وتباعدها مع “حماس” قائمان في الأساس على مدى دعمهما للدولة داخليّاً، وبقاء النظام مسيطراً على مقاليد الأمور، ورفض الحراك الشعبيّ، ففتح دعمت النظام، و”حماس” دعته إلى التفاهم مع المحتجّين السلميّين، الأمر الذي جعله يرى “فتح” أقرب إليه، ولو اختلفا في المسألة السياسيّة والموقف من إسرائيل.

 

عدنان أبو عامر

 

هذا المقال منقول عن موقع صحيفة المونيتور

اترك تعليق

يرجي التسجيل لترك تعليقك

شكرا للتعليق