رؤية مختلفة للأحداث !

لا تنقذوا سورية.. أنقذوا أنفسكم

0

eresdyfk txfhcukjk 85809بقلم: عبد الله إسكندر
لا مؤشرات الى ان الحرب السورية تتجه الى اي تسوية من اي نوع كان. رغم كل ما استخدمت فيها من اسلحة، وصولا الى ما تردد عن قنابل غاز، ورغم كل الجهود السياسية التي ما تزال تتعثر على اعتاب مهمة الاخضر الابراهيمي.

وغياب التسوية في ذاته يعني ان سورية مهددة بالدمار الشامل، حجرا وبشرا، بنى تحتية واقتصاد، مؤسسات ادارية وعسكرية. ولا مبالغة ان مشاهد من حمص وحماة وادلب ودير الزور ودرعا، وحتى في العاصمة، تناظر ما نراه من الصومال حيث تحول بلد باكمله الى ركام وشعبه الى مشردين.

وهذا ما ينتظر سورية، مع مرور كل ساعة من الوقت. ففي كل ساعة تدمر عشرات الابنية ويقتل عشرات الاشخاص ويهجر المئات من منازلهم. ومع مرور الايام باتت الحصيلة مروعة على المستوى الانساني والعمراني.

لكن سورية ليست الصومال. سورية كانت ولا تزال القلب النابض لحضارة المنطقة. وعمرانها كان الدليل على ما انجبته هذه المنطقة من رقي وتقدم. وشعبها كان الدليل على قدرة هذه المنطقة على التعايش والمواطنية. كل هذا مهدد اليوم بالصوملة.

قد نجد تبريرات للموقف اللامبالي للعرب من الصومال. فهو بلد طرفي وغير مؤثر في المنطقة، والآثار السلبية لتدميره وتشريد أهله انحصرت في القرن الإفريقي ولم تمس المنطقة العربية، باستثناء اليمن الذي نزح إليه لاجئون صوماليون.

وعلى ذكر اليمن الذي عانى بدوره ازمة خطيرة لا يزال يبحث عن كيفية الخروج منها، يمكن أن نلاحظ ان حداً أدنى من الضغط والتدخل من مجلس التعاون الخليجي أقنع المجتمع الدولي بأن يفرض على الرئيس السابق علي عبد الله صالح التنازل وتسهيل التسوية. أي أن تحركاً عربياً يمكن أن تكون له انعكاسات على المواقف الدولية وعلى تسهيل الحلول.

المبررات التي جعلت العرب يبتعدون عن الصومال لا يمكن إحضارها في الحالة السورية. وإذا كان بعض العرب غير مهتم بسورية الوطن، كما أهملوا يوما لبنان الدولة وتركوه نهشا للاقتتال، فان من مصلحة العرب أن يهتموا بالآثار الناتجة عن المآل السوري، لأنها ستنعكس مباشرة على دولهم ومصالحهم. والتدخل العربي في الشأن السوري لم يعد تدخلا في شأن داخلي لدولة مستقلة، إنما بات ضرورة للدفاع عن المصالح الوطنية لكل دولة في المنطقة.

سورية تواجه، في ظل غياب الحل السريع، أسوأ السيناريوهات. دمار كامل وشامل ولجوء أهلها إلى الجوار الذي يعاني ما يعانيه من ضائقة ومعضلات، هذا الدمار الذي يفرخ كل اشكال الشلل الاجتماعي والتطرف الايديولوجي والتشدد الديني، ما سينعكس وبالاً على الجوار العربي. أو سينعزل الحكم السوري الحالي في منطقة ذات غالبية طائفية، ما يجعل البلاد في طور يدخل تعديلا جيو استراتيجية على منطقة تعاني من الهشاشة الشيء الكثير، ولن تتأخر بذور مماثلة في أكثر من بلد عربي في البزوغ.

لذلك لم يعد مفهوماً أن يقتصر سلوك العرب وجامعتهم على تلمس كلمة ملتبسة من موسكو، علها تحرك حلا دوليا مبهما او توافقا اميركيا – روسيا على اقتسام المصالح. كما لم يعد مفهوماً أن يقتصر السلوك العربي على دعوات إلى مؤتمرات لمساعدة الشعب السوري أو إرسال شاحنات إلى هذا المخيم أو ذاك للاجئين السوريين. فكل ذلك ليس أكثر من مخدر لضمير، ولا يتصدى لعمق الأزمة ولضرورة محاصرتها وإيجاد الحل السريع لها.

ليس من الواضح تماما أن قيمة الوطن السوري، بحضارته وتجربته وثقافته، مسألة تشغل كثيراً بال العرب. فالتجارب الكثيرة أظهرت أن مثل هذا الاعتبار ليس أساسيا، وتجربة العرب مع لبنان خير مثال على ذلك، لقد تدمرت هذه التجربة من دون ان تلقي وزرا عليهم. أما سورية فشأن آخر، فدمارها المستمر سيكون وبالاً عليهم جميعا. وهم، إن لم يكونوا يرغبون في انقاذ التجربة السورية والوطن السوري، فعلى الاقل ان يعملوا على انقاذ انفسهم من ويلات تدميرها.

اترك تعليق

يرجي التسجيل لترك تعليقك

شكرا للتعليق