أكدت مصادر في الجيش السوري الحر سيطرة قوات النظام مدعومة بمقاتلين من حزب الله اللبناني على معظم مدينة القصير الإستراتيجية بريف حمص، في حين مازال بضعة آلاف من المدنيين وعناصر الثوار
في الجزء الشمالي من المدينة وريفها بينهم أكثر من ألف جريح وسط حالة عجز عن إخلاء الجرحى والمدنيين.
وقال الناطق باسم لجان التنسيق المحلية بالقصير إن المدينة شبه مقسمة حيث سيطرت قوات النظام وعناصر حزب الله على الحي الجنوبي والشرقي، في حين مازال عناصر الجيش الحر وبضعة آلاف من المدنيين محاصرين في الحي الشمالي للمدينة.
وحذر أبو الهدى الحمصي مما وصفها مجازر نكراء ترتكبها قوات بشار الأسد وعناصر حزب الله في القصير ضد العائلات المدنية التي مازالت محاصرة، مشيرا إلى أن جهود إجلاء الجرحى والمدنيين من القصير باءت بالفشل، وحمل حزب الله والائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة السورية مسؤولية مصير الموجودين في القصير.
من جانبه أكد مدير مشفى القصير الطبيب قاسم الزين أنه تم نقل معظم الجرحى من القصير إلى مناطق في ريف حمص الجنوبي، مشيراً إلى عدم التزام جيش النظام بتعهداته بالسماح بإجلاء الجرحى والمدنيين من مناطق المعارك.
وفي وقت سابق نقلت وكالة رويترز عن بيان لثوار القصير انسحابهم من المدينة بعد ما سموها “مذبحة” ارتكبتها قوات النظام ومقاتلو حزب الله أسفرت عن استشهاد المئات. وأوضح البيان أنه “بسبب نقص الإمدادات وتدخل حزب الله الصارخ بقي عشرات المقاتلين في الصفوف الخلفية لتأمين انسحاب زملائهم والمدنيين”.
وأضاف البيان “في وجه هذه الترسانة المرعبة ونقص الإمدادات وتدخل سافر من حزب إيران اللبناني أمام سمع العالم وبصره هذا العالم المنافق الذي لم يستطع حتى على فتح ممرات إنسانية للمدنيين.. نعم هذا كان مطلب المقاتلين فقط فتح ممرات إنسانية للمدنيين والجرحى”.
وعن حصيلة الضحايا منذ بدء الحملة العسكرية على القصير قبل أكثر من أسبوعين، وثقت الشبكة السورية لحقوق الإنسان استشهاد 273 شخصا وإصابة أكثر من 2400 جريح بينهم 1800 مدني من ضمنهم 230 طفلا و170 امرأة.
السيطرة والانسحاب:
وفي السياق، أكد مصدر أمني له صلات بالقوات السورية لوكالة رويترز أن الجيش السوري سيطر على معظم أنحاء القصير، لكنه مازال يداهم المناطق الشمالية التي تمركزت فيها قوات الثوار خلال الأيام القليلة الماضية. كما أشار مقاتل من حزب الله إلى أن مقاتلي المعارضة أخذوا أسلحتهم معهم وانسحبوا الى قرية الضبعة القريبة التي يسيطر الثوار على أجزاء منها.
وكان التلفزيون الرسمي السوري أعلن استعادة قوات النظام السيطرة على كامل مدينة القصير بريف حمص.
ونقلت وكالة الأنباء السورية الرسمية (سانا) عن مصدر وصفته بالمسؤول أن الجيش قام بعمليات وصفها بالخاطفة ونوعية في مدينة القصير أسفرت “إعادة الأمن والأمان إلى المدينة كاملة”.
من جانبه قال أحد مقاتلي حزب الله لوكالة رويترز في القصير “قمنا بهجوم مفاجئ في الساعات الأولى من الصباح ودخلنا البلدة ولاذوا هم بالفرار”.
وعقب إعلانه السيطرة على القصير توعد الجيش السوري اليوم بـ”ضرب المسلحين أينما كانوا وفي أي شبر على أرض سوريا” واعتبر بيان صادر عن القيادة العامة للجيش والقوات المسلحة نقلته وكالة سانا أن ما وصفه “النصر الذي تحقق هو رسالة واضحة إلى جميع الذين يشاركون بالعدوان على سوريا”. وقال بيان الجيش إنه حصل على وثائق تثبت تورط جهات إقليمية وعربية وأجنبية في ما يحدث بسوريا.
ويأتي هذا الإعلان بعد أكثر من أسبوعين من معارك شرسة خاضتها قوات النظام مدعومة بمسلحين من حزب الله للسيطرة على هذه المدينة الواقعة على طريق حيوي للإمدادات عبر الحدود بين لبنان وسوريا.
وبسقوط القصير، لم يبق بين أيدي الثوار في ريف حمص الجنوبي إلا قرية البويضة الشرقية الصغيرة التي قالت قناة “المنار” التابعة لحزب الله إن المقاتلين من القصير انسحبوا بأعداد كبيرة إليها.
ويرى خبراء أن سقوط القصير قد يسهل سيطرة قوات النظام على مدينة حمص حيث لا يزال الثوار موجودين في أحياء عديدة. كما يسيطر الثوار أيضا على مدينتي الرستن وتلبيسة اللتين تعتبران معقلين مهمين بالريف الشمالي لحمص. وتربط حمص بين دمشق والساحل السوري غربا، وتعتبر السيطرة عليها بالكامل أمرا مهما للنظام لتأمين امتداد جغرافي طويل له يسهل عمليات التنقل والإمدادات.
جبهات مشتعلة:
على صعيد التطورات الميدانية الأخرى، شهدت الجبهة الغربية من المنطقة الواقعة بين مدينتي داريا ومعضمية الشام بريف دمشق منذ الصباح الباكر اشتباكات عنيفة جدا بين الجيش الحر وقوات النظام المدعومة بمسلحين من حزب الله، وتزامنت هذه الاشتباكات مع قصف عنيف على الأحياء السكنية في مدينة داريا وفق الهيئة العامة للثورة السورية.
وأشارت شبكة شام الإخبارية إلى أن الاشتباكات تركزت على الجهة الغربية من داريا التي تسعى قوات النظام السوري لاقتحامها منذ نحو شهرين. كما أفادت الشبكة أن قوات الثوار تمكنت من السيطرة على أحد الحواجز على أطراف مدينة معضمية الشام.
وفي دير الزور شرقا، أفادت الهيئة العامة للثورة باشتباكات عنيفة في المدينة بالتزامن مع قصف مكثف.
وفي تطور آخر في لبنان أغارت مروحية حربية سورية على جرود بلدة عرسال البقاعية شرق لبنان. وأضاف المراسل أن عددا من القذائف من الجانب السوري سقطت على بلدة عرسال مما أوقع أضرارا مادية بالمنازل، ، يذكرُ أن الآلاف نزحوا إلى عرسال اللبنانية منذ بداية الثورة تحت وطأة القصف والعمليات العسكرية.