تعاني التجمعات الفلسطينية في سوريا من حالة انقسام بين مؤيد لنظام الحكم هناك, وآخر يعارض، وذلك على خلفية الاحتجاجات المستمرة المطالبة بإنهاء حكم الرئيس بشار الأسد.
في مخيم اليرموك الذي يضم أكثر من أربعمائة ألف لاجئ فلسطيني يظهر الانقسام عميقا، وخصوصا مع اتضاح موقف حركة المقاومة الإسلامية (حماس) ذات الحضور الفاعل بالمخيمات الفلسطينية في هذا البلد وانتقاداتها المعلنة لسفك دماء المدنيين.
ويفضل المتذمرون من صور القمع والصمت عدم الدخول في مناقشات وحوارات حول ما يجري, حيث تظهر جمل وكلمات تخفي وراءها الكثير من عينة “الله يفرجها.. الله يستر.. السوريون أهلنا وإخوتنا.. الله يجيب لهم الخير”.
في المقابل, لا يحتاج المؤيدون للنظام أي جهد لسماع أقوالهم مباشرة فتظهر كلمات من عينة “مؤامرة كبيرة على سوريا، إسرائيل وأذنابها تريد الانتقام من مواقف سوريا ورعايتها للمقاومة” مع كثير من الشتم لدول عربية وتركيا وأوروبا وصولا إلى الولايات المتحدة وانتقادات حادة لحركة حماس التي تتهم بنسيان مواقف دمشق من المقاومة.
وبين هذا وذاك شتم لفضائيات بعينها واستعارة مقولات الإعلام الرسمي السوري عن إعلام الفتنة، والتحريض، وتوصيف لإعلام آخر هو إعلام المقاومة والممانعة يأتي في صدرها التلفزيون السوري وقناة الدنيا.
وفي تقسيم نظري بسيط, يعتقد بأن “الصاعقة” وهي التنظيم الفلسطيني لحزب البعث، والجبهة الشعبية لتحرير فلسطين-القيادة العامة، وبدرجة أقل الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين، وجبهة النضال الفلسطيني، وهي فصيل صغير جدا, كلها تقف إلى جانب السلطة الحاكمة، بينما تقف حماس إلى جانب المحتجين، وتميل الجهاد الإسلامي للضبابية في ظل ارتباطها العميق بإيران وحزب الله.
رسالة هنية
وحيث لا يوجد موقف رسمي من حماس بسوريا حول هذا الموضوع، فإن جمهور الحركة الواسع فهم الرسالة جيدا من التحية التي وجهها إسماعيل هنية خلال خطابه الأخير في الجامع الأزهر بمصر للسوريين المتطلعين للحرية، والرسالة الثانية تكمن بمغادرة رئيس المكتب السياسي لحماس خالد مشعل إلى خارج سوريا مع مئات الكوادر التنظيمية والإعلامية والعاملة في الشأنين الاجتماعي والأهلي والتي عاشت بالمخيم وكان لها حضورها الفاعل.
وهناك أسماء معروفة كثيرة لا ترد على هواتفها النقالة ليكتشف المتصل بعد سؤال وتحر مغادرتها غزة وعواصم عربية أخرى. وهناك ناشطون لا يحسبون على الفصائل, راعهم ما يرونه فيما تأتي مهمة التصدي لهم من عناصر القيادة العامة والصاعقة خصوصا.
ومع أن حالة التروي والتعقل التي يدعو لها كثير من الفلسطينيين لعدم الانجرار إلى التدخل, تبدو مثمرة حتى الآن, فإنها تبدو في الوقت نفسه هشة خصوصا مع الإعلان الأسبوع الماضي عن مقتل ضابطين رفيعي المستوى بجيش التحرير الفلسطيني، الأول في قطنا إلى الغرب من دمشق: العميد رضا الخضراء وهو ابن شقيق قائد جيش التحرير اللواء محمد طارق الخضراء، والآخر بأحد شوارع مخيم اليرموك: العقيد الركن عبد الله المقيري، وكلاهما اغتيل رميا بالرصاص, دون معرفة الفاعلين حتى اللحظة، وتكهنات كثيرة بمحاولات لجر الفلسطينيين إلى خضم الاحتجاجات السورية مع أو ضد النظام.
كما أن هناك حالة قلق عميقة يعيشها الفلسطينيون, مع تحول ما يتردد عن تحول الجبهة الشعبية-القيادة العامة إلى شبيحة في قمع الفلسطينيين، وهو ما أثار حالة غضب تجاه الحركة. في حين انسحبت حماس مع تحريض وانتقادات عنيفة لمواقفها في الإعلام الرسمي السوري.
كما يلاحظ موقف القيادة المركزية لجبهة التحرير الفلسطينية, حيث يمكن بسهولة ملاحظة تبني لهجة النظام الحاكم في بيانات إدانة تفجيرات هزت دمشق, حيث تتحدث عن “أعمال إجرامية تستهدف المواطنين الأبرياء وإشاعة الفوضى والخوف بينهم، في محاولة يائسة لقطع الطريق على كل الجهود المبذولة لتسوية الأزمة السورية بشكل سياسي سلمي، وهي تماما تندرج في خانة المحاولات الهادفة لاستجلاب التدخل الخارجي الإمبريالي وأدواته الإقليمية الرجعية”.