في خطوة, وصفت بأنها الأكثر جرأة من جانب روسيا ضد نظام الرئيس السوري بشار الأسد, كشف مسؤولون روس كبار في قطاع تصدير الأسلحة أن روسيا لن تبيع أسلحة جديدة إلى حليفتها سوريا لحين استقرار الوضع هناك, مع الالتزام بالعقود الموقعة سابقا.
وقال فياتشيسلاف جيركالن -نائب مدير هيئة التعاون العسكري الروسية- في معرض فارنبورو الجوي في بريطانيا إن موسكو لن تسلم مقاتلات أو أي أسلحة جديدة أخرى لسوريا ما بقي الوضع هناك “دون حل”.
ونقل عن جيركالن قوله إن روسيا وهي واحدة من مصدري الأسلحة الرئيسيين لسوريا لن تسلم دمشق شحنة من 36 طائرة مقاتلة طراز ياك 130.
في الوقت نفسه, أكد مدير وكالة صادرات الأسلحة الروسية ألكسندر فومين أن موسكو تنوي مواصلة دعم دمشق في مجال التسلح والمعدات العسكرية تنفيذا لعقود سابقة. وقال فومين في تصريحات نقلتها وكالات الأنباء الروسية “سوريا صديقتنا القديمة ونلتزم بموجباتنا تجاه أصدقائنا”.
وطبقا لرويترز فإن هذه الخطوة التي قد تكون الأجرأ من جانب موسكو حتى الآن لتنأى بنفسها عن الرئيس السوري بشار الأسد الذي دافعت عنه في الامم المتحدة وحمته من عقوبات أشد, قد تعرقل أيضا عقودا تصل قيمتها إلى أربعة مليارات دولار ولم يتم تنفيذها بعد منها مقاتلات وأنظمة دفاع جوي كان من المتوقع تسليمها هذا العام إلى الجيش السوري.
وفي أول رد فعل أميركي, أبدت وزارة الخارجية حذرا حيال الموضوع، مشيرة إلى أنها “تنتظر توضيحا من الروس” ومعتبرة أنه إذا كان الموقف الروسي صحيحا “فإن ذلك سيكون مؤشرا طيبا”.
وقالت المتحدثة باسم البيت الأبيض إيرين بيلتون “لو تأكد هذا فإنه تطور ايجابي وإذا كانت روسيا تعتزم حقا وقف مبيعات السلاح إلى سوريا فإننا سنشيد بهذه الخطوة ونشيد بروسيا على هذا الإجراء الذي سيبعث برسالة قوية إلى نظام الأسد”.
وأضافت “إننا ندعو منذ وقت طويل كل الدول إلى الكف عن تزويد هذا النظام بالسلاح بالنظر إلى استمراره في استخدامه ضد الشعب السوري”. كما قال باتريك فنتريل وهو متحدث باسم الخارجية الأميركية “نعتقد أن مواصلة بيع الأسلحة للنظام السوري لا يؤدي إلا إلى صب الزيت على النار وعلى الروس إنهاء كل عمليات نقل الأسلحة، ليس فقط العقود السارية بل أيضا كل العقود الجديدة”.
وكانت وزيرة الخارجية الأميركية هيلاري كلينتون قد قالت في وقت سابق إن التصريحات الروسية القائلة إن الأسلحة ليس لها علاقة بالعنف في سوريا “غير صحيحة على الإطلاق”. كما وصفت واشنطن تسليم شحنة من الأسلحة الروسية الثقيلة إلى دمشق بأنه إجراء “يستحق اللوم”.
بدوره, قال المتحدث باسم الأمم المتحدة إدواردو دل بواي إن الأمين العام بان كي مون قال بوضوح إن كل البلدان التي تملك نفوذا في الأزمة في سوريا عليها الامتناع عن التزويد بالأسلحة وإن “العسكرة لن تسمح بوضع حد للعنف”.
في مقابل ذلك, يقول الرئيس الروسي فلاديمير بوتين إن الأسلحة التي تقدمها بلاده لا يمكن استخدامها في حروب أهلية ووصف وزير خارجيته سيرغي لافروف الأسلحة بأنها دفاعية تباع بموجب تعاقدات أبرمت منذ وقت طويل.
يشار إلى أن روابط تجارة الأسلحة بين سوريا وروسيا تعود إلى العهد السوفياتي, حيث سبق لسوريا أن وقعت تعاقدات بقيمة مليارات الدولارات. كما أن سوريا تستضيف منشأة روسية للإمداد والإصلاح على البحر المتوسط وتعد القاعدة البحرية الوحيدة لروسيا خارج الاتحاد السوفياتي سابقا.
ويقول المحلل الروسي رسلان علييف -المتخصص في شؤون تجارة الأسلحة بين روسيا وسوريا في مركز كاست للدراسات- إن موسكو نأت بنفسها بالفعل عن الأسد, قائلا إنه “قرار سياسي في الأساس يستند إلى وجهة نظر موسكو تجاه سوريا”.
يذكر أن روسيا تعرضت مؤخرا لانتقادات من الغرب بعد أن قالت كلينتون إن لديها معلومات تفيد بأن مروحيات هجومية في طريقها من روسيا إلى سوريا. وقد ردت روسيا بأن المروحيات جزء من عقد قديم.