تحيط الشكوك باجتماع دولي بشأن سوريا دعا له المبعوث العربي الدولي المشترك كوفي أنان، في جنيف خلال أيام، إذ فيما أعلنت روسيا أنها ستحضر الاجتماع، قالت الولايات المتحدة، إن مشاركتها مرهونة بالاتفاق المسبق على مرحلة انتقالية بسوريا تتضمن رحيل رئيس النظام، فضلا عن خلاف بشأن مشاركة إيران.
موسكو من جانبها أعلنت أن وزير الخارجية سيرغي لافروف سيحضر الاجتماع المقرر عقده السبت المقبل في جنيف، لكن المسؤولين الروس أكدوا على ضرورة إشراك إيران في المحادثات، وهو الأمر الذي يؤيده أنان، ويبدو أن الولايات المتحدة تعترض عليه.
وقال الرئيس الروسي فلاديمير بوتين الثلاثاء إنه يجب إشراك أكبر عدد ممكن من جيران سوريا، بما فيهم إيران، في تسوية الصراع الدائر في سوريا. وتحدث بوتين للصحفيين خلال زيارته الأردن قائلا “أعتقد أنه كلما زاد عدد جيران سوريا المشاركين في عملية الحل، كلما كان ذلك أفضل”.
وأوضح الرئيس الروسي أن كل جارة من جيران سوريا تتمتع ببعض التأثير على القوى داخل البلاد، محذرا من أن “تجاهل هذه الإمكانات سيأتي بنتائج عكسية وسيعقد من العملية”.
أما المبعوث الروسي لدى الأمم المتحدة فيتالي تشوركين فقال للصحفيين قبيل اجتماع مغلق لمجلس الأمن الدولي بشأن سوريا “نعلق أهمية كبيرة على هذا الاجتماع”.
فائدة مرجوة:
لكن وكالة رويترز نقلت عن دبلوماسيين قولهم إنه ليس من الواضح تماما إن كان اجتماع جنيف -الذي من المفترض أن يحضره الأعضاء الخمسة الدائمو العضوية بمجلس الأمن والأطراف الإقليمية الرئيسية- سيعقد في موعده المقرر يوم السبت.
وقال بعض الدبلوماسيين الغربيين إنه لا يوجد اتفاق بشأن الفائدة المرجوة من الاجتماع، لكن تشوركين أوضح أن موسكو تتوقع أن يمضي اجتماع السبت قدما. وأضاف “آمل أن يحضر أيضا مشاركون آخرون من المقرر أن يحضروا، نأمل أن يوفر (الاجتماع) قوة دافعة قوية للجهود السياسية من أجل إنهاء الصراع”.
وفي الوقت الذي شهد فيه يوم الثلاثاء اتصالات هاتفية عدة بين واشنطن وموسكو، أشار مسؤولون كبار في وزارة الخارجية الأميركية إلى أن وزيرة الخارجية الأميركية هيلاري كلينتون لن تشارك في الاجتماع ما لم تتفق جميع الأطراف على ضرورة إقامة مرحلة انتقالية سياسية في سوريا.
وقال مسؤولون أميركيون يصحبون كلينتون -التي توجهت إلى فنلندا يوم الثلاثاء في بداية جولة في ثلاث دول ستلتقي خلالها مع لافروف في سان بطرسبرغ يوم الجمعة- إنه لم يتخذ قرار بعد بشأن حضورها، حسب رويترز.
نقطة شائكة:
وقال مسؤول أميركي رفيع للصحفيين على متن الطائرة التي تقل كلينتون “النقطة الشائكة هي اتفاق واضح على ضرورة أن يجري انتقال للسلطة السياسية”، وكرر معارضة الولايات المتحدة لاقتراح أنان إشراك إيران في أي محادثات من هذا القبيل. وقال المسؤول “لا نرى أن إيران كانت لاعبا مثمرا في هذه القضية ولم يتغير شيء في هذا الوضع”.
وأضاف المسؤول الأميركي -متحدثا إلى الصحفيين المرافقين لكلينتون- أنه لا تزال توجد عقبات ينبغي التغلب عليها، لافتا إلى أن الاجتماع يتطلب اتفاقا واضحا على أنه يجب على الرئيس الأسد إفساح الطريق أمام انتقال سياسي.
وقال المسؤول الأميركي “إذا استطاع كوفي أنان الحصول على موافقة المشاركين المقترحين على مثل هذه الخطة للانتقال السياسي فسيعقد الاجتماع ولكن هذا ما يجب أن نصل إليه قبل المضي إلى عقد أي اجتماع، فلا جدوى من مجرد الاجتماع للاجتماع”.
وانتقد المسؤول الأميركي ضمنا موقف موسكو من الصراع بقوله “برأينا أن بيع الأسلحة إلى النظام السوري من روسيا أو من أي دولة أخرى يأتي بنتائج عسكية ويؤجج المواجهات”، مضيفا أن مثل هذه الأفعال تعطي النظام السوري “دعما وشرعية”.
اتصال وضغط:
وفشلت حتى الآن محاولات أنان لحمل المعارضة السورية وحكومة الأسد على بدء حوار يستهدف إنهاء الصراع الذي مضى عليه 16 شهرا، ويقول أنان إن “مجموعة اتصال” من الدول الأعضاء الدائمة العضوية بمجلس الأمن والقوى الإقليمية يمكن أن تضغط على الحكومة السورية والمعارضة لبدء مفاوضات سياسية.
وفي هذا السياق أطلع ناصر القدوة نائب أنان مجلس الأمن المكون من 15 عضوا عبر دائرة تلفزيونية مغلقة على محاولات الوسيط الدولي لمنع الانهيار التام لخطته للسلام المكونة من ست نقاط.
وذكر دبلوماسي داخل المجلس أن القدوة قال “إنه من الضروري أن توافق الدول صاحبة النفوذ على مبادئ ومعايير لدعم انتقال سياسي بقيادة سوريا”.
وقال القدوة إنه يلزم قبل المضي قدما في الاجتماع المقرر في جنيف “الاتفاق على المبادئ ونطاق المشاركة” وهو ما قد يكون إشارة إلى احتمال مشاركة إيران.
وقال مبعوثون دوليون إنه لا يوجد حتى الآن اتفاق من هذا القبيل بين الأعضاء الخمسة الدائمي العضوية في مجلس الأمن وهم الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا وروسيا والصين.
وتأتي هذه التطورات فيما قال البيت الأبيض إن الانشقاقات واقتراب القتال من دمشق، وإسقاط طائرة حربية تركية بنيران سورية، هي جميعها مؤشرات على أن نظام الأسد بدأ يفقد السيطرة على البلاد.
وقال المتحدث باسم البيت الأبيض جاي كارني -من على متن طائرة الرئاسة الأميركية، مرافقا الرئيس باراك أوباما أثناء توجهه إلى تجمع خاص بحملة إعادة انتخابه في ولاية جورجيا- “من الواضح أن نظام بشار الأسد يفقد سيطرته على بلاده شيئا فشيئا”.
وأشار إلى إجراء الكثير من اللقاءات المنتجة مع روسيا، “ولكن من دون شك بيننا خلافات”، وأكد أن الموقف الأميركي يشدد على أن العملية الانتقالية لا يمكن أن تشمل الأسد.